م. خالد إبراهيم الحجي
إن النفط الخام أحد أهم متطلبات الحياة المعاصرة في جميع أنحاء دول العالم، والمشتقات النفطية من أكثر المواد حضوراً واستخداماً في الحاجات المعيشية اليومية، ومتطلبات الحياة المعاصرة، ولا يمكن الاستغناء عنها. وصناعة النفط من أعمدة الاقتصاد العالمي، ومن أهم مجالاته: استخدامه في كل المنازل، وفي جميع وسائل المواصلات، والمجالات الأساسية، مثل: تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، والطاقة الصناعية. ويفيد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن معدل الاستهلاك العالمي من النفط الخام بلغ (99) مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2019م، وتتشارك في إنتاجه كل من الدول الأعضاء الأربع عشرة في منظمة الأوبك التي تبلغ حصتها (40) في المئة من الاستهلاك العالمي، والباقي (60) في المئة يتم إنتاجه من قبل الدول المستقلة خارج منظمة الأوبك. وما يقرب من ثلث الاستهلاك العالمي من النفط الخام يخرج من منابع النفط للدول المطلة على الخليج العربي، أي نحو (33) مليون برميل يومياً يتم تصديرها إلى الدول المستفيدة عبر مضيق هرمز الواصل بين مياه الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب إلى المحيط الهندي، وتطل عليه إيران من جهة الشرق، وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية من جهة الغرب. وتصل حصة المملكة العربية السعودية منفردة من إنتاج أوبك إلى (12) مليون برميل يومياً تمر من مضيق هرمز، وهي أكبر مصدر للنفط الخام في العالم. ولديها أكبر احتياطي منه في العالم.؛ لذلك تمتلك المملكة قدرة التأثير الفعلي على استقرار أسعار النفط العالمية عن طريق زيادة حصتها من الإنتاج أوخفضه عبر منظمة أوبك، أو بعبارة أخرى لديها القدرة الإنتاجية على التحكم بمعادلة العرض والطلب، بالتعاون مع روسيا أكبر منتج مستقل للنفط عبر اتفاق (أوبك+1)..
ومن خلال قراءة الواقع الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وتحليله، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن سياسة إيران سياسة توسعية عدوانية خطيرة تحلم بالسيطرة على مضيق هرمز، ولا تتردد في إثارة الاضطرابات والقلاقل وإشعال الفتن، واستخدام وسائل التخريب والإرهاب لتحقيق أهدافها التوسعية، مثل احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وكذلك محاولاتها السيطرة على مضيق باب المندب بوضع أقدامها وتثبيتها في اليمن، بدعم مليشيات وقبائل الحوثي الإرهابية، وتزويدهم بالصواريخ البالستية التي يطلقونها على السعودية. وتدل سياستها دلالة واضحة على عدم تعهدها أو التزامها ببقاء مضيق هرمز مفتوحاً لحرية الملاحة البحرية وسلامتها؛ ويمكن أن تصل إلى حد إغلاقه بالقوة العسكرية للإضرار بالمصالح الدولية المشتركة، وقد قامت مؤخراً بتدبير الاعتداء بألغام بحرية على أربع سفن وتخريبها في ميناء الفجيرة بالإمارات العربية، من بينها ناقلتان سعوديتان. وسخرت ميليشيات الحوثي الإرهابية للاعتداء على مضخات خطوط أنبوب النفط البري السعودي بطائرات مُسيَّرة بدون طيار ومفخخة..
وبناء على ما سبق فإن أزمة النفط الخام يمكن أن تُعَرِّض الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني للخطر في جميع أنحاء دول العالم، وتهدد سلامة خطوط الملاحة الدولية، وحماية ناقلات النفط هاجساً مقلقاً لمجموعة الدول الصناعية السبع التي تتكون من: فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، واليابان، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أكثرها تسليحاً وأقواها عسكرياً؛ مما أهلها منذ عقود عديدة للقيام بدور الضامن الأمني لتأمين وصول النفط إلى الدول الصناعية الكبرى وباقي دول العالم، وبذل الجهد والسعي الجاد والعمل المستمر لتجنب حدوث أزمات نفطية وتداعيات اقتصادية كارثية، بحماية مضيق هرمز من التهديدات الإيرانية والاعتداءات الإرهابية؛ لذلك استعدت الولايات المتحدة، وحشدت قواتها العسكرية في مياه الخليج العربي، وفي مقدمتها حاملتان نوييتان للطائرات الحربية، وبوارج الصواريخ الموجهة ومنصات الإطلاق، وجاهزية القاذفات الإستراتيجية (ب 52) تحسباً لأي حماقات أواعتداءات قد ترتكبها إيران، أو تُقدم عليها، أو تقوم بها في مضيق هرمز..
لذلك فإنه من أهم المسوغات الشرعية التي تحتاجها الولايات المتحدة هو التأييد الأقليمي والدولي، الذي توفره الشراكات الثنائية الإستراتيجية، والتحالفات الدولية مع السعودية ومع دول الخليج العربي التي عمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بنظرته الصائبة، وبصيرته الثاقبة، وخبرته الدبلوماسية، وحنكته السياسية، على أهمية تعزيزها في الوقت الراهن؛ فأطلق دعوة سامية على وجه السرعة إلى عقد القمتين الطارئتين في مكة المكرمة؛ الأولى: قمة مجلس التعاون الخليجي، وتلتها مباشرة القمة العربية في الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من شهر رمضان الماضي، بالتزامن مع انعقاد قمة منظمة التعاون الإسلامي بجوار الحرم المكي الشريف؛ لحشد التأييد الخليجي، والعربي، والإسلامي، وتوحيد المواقف الدولية لمواجهة التهديدات الإرهابية الإيرانية.
الخلاصة:
إن الولايات المتحدة الأمريكية ستواجه بكل حزم وقوة التهديدات الإيرانية لحماية اقتصادات الدول الصناعية.