فهد بن جليد
في مقاله يوم أمس السبت «إعلامنا: من يعلِّق الجرس» وضع الجار العزيز والخبير السياسي د. أحمد الفراج -مشكوراً- إصبعه على «ألم» يعاني منه إعلامنا بصمت في الظروف التي تمرُّ بها بلادنا والمنطقة اليوم، بتقديم من يُفترض أنَّهم «مُحلِّلون وخبراء ومُعلِّقون» ليُساهم بعضهم للأسف الشديد «بالفوضى المعلوماتية» عبر قراءتهم السطحية للأحداث، وافتقارهم للمعلومة، ومهارة فهم الأحداث، بالتعليقات المُجترَّة والمُتكرِّرة التي لا تستند إلى عمق، أو فهم حتى بأبسط أبجديات التعليق والتحليل السياسي لا من ناحية اللغة، ولا الأسلوب، ولا ترابط الأفكار، ولا حتى نوعية الحجج والدلائل والبراهين التي يمكن الاستناد إليها للتعليق على الأخبار والأحداث، فضلاً عن الجهل بالتاريخ وفصوله السابقة التي لها دلالات واعتبار في تقوية الحجة، وفهم ودعم الموقف، وإثبات الحقائق أمام المُشاهد والمُتابع، بدلاً من استغلال الإعلام المُعادي لبعض التعليقات الخاطئة والهفوات غير المقصودة من هؤلاء المجتهدين والمُتحمسين واستخدامها ضدنا، ونحن نعلم أنَّ الإعلام أحد الأسلحة والأذرع الهامة في المواجهات والأزمات، ما يوجب على القائمين على وسائل الإعلام والقنوات الفضائية الحرص أكثر وبعناية فائقة لاختيار ضيوفهم من المُعلقين والمُحلِّلين، وإدراك أهمية وخطورة تصدر -غير المهنيين والمُختصين- للمشهد، وظهورهم على الشاشات للتحليل والتعليق على الأحداث، وقد كتبتُ في هذا سلسلة «مقالات سابقة».
صناعة المُتحدث والمُعلِّق والمُحلِّل السياسي «رحلة طويلة» سبقنا بها الآخرون لوجود «أجندة» يعملون عليها مُنذ وقت مُبكر- في حين غفلة من إعلامنا- الذي لم يؤهل ولم يُدرِّب ولم يصنع مُحلِّلين بشكل وأعداد كافية ليستطيعوا المواجهة والقيام بهذه المهمة بالكفاءة اللازمة «كدور مهم ورسالة وطنية وقومية» للدفاع عن وطننا بكل قوة، وشرح قضايا أمتنا العادلة للعالم، فيما الآخرون سعوا بخبث لتحقيق أهدافهم بزرع من يدافع عن قضاياهم الباطلة في كل محفل ومؤسسة ومناسبة -من مُختلف الجنسيات- لنقل وجهة نظرهم الضالة للعالم، والمُقارعة من أجلها عبر الفضائيات العربية والأجنبية.
الوقت مازال أمامنا للحاق بالركب واختيار المُحلِّلين والمُعلِّقين الحقيقيين والمفيدين وتدريبهم وتأهيلهم -والأهم دائماً- هو أن يمتلك هؤلاء معلومات وتفاصيل لا يمتلكها غيرهم من أجل تصويب «بوصلة حديثهم» نحو الهدف، بجعلهم في صورة الحقائق والمواقف والأحداث وتفاصيلها، حتى يتمكنوا من قراءتها بالشكل المُناسب، وتحليلها لتشكيل وخلق «وجهة نظر» صحيحة وحقيقية عند المُتلقي والمُشاهد، والتأثير عليه بشكل إيجابي لتكوين «جبهة جديدة» حتى في صفوف الأعداء، وهذا دور مُنتظر بتعاون جهات أخرى «غير إعلامية».
وعلى دروب الخير نلتقي.