محمد سليمان العنقري
ملفت الخبر الذي نقل قبل أيام عن تحقيق جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المركز الرابع بين الجامعات عالمياً حسب التصنيف السنوي للأكاديمية الوطنية الأمريكية للمخترعين وأصحاب الملكية الفكرية للجامعات، وذلك من حيث عدد براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة، وفي المملكة يوجد مئات براءات الاختراع المسجلة وتشترك بامتلاكها جهات عديدة من جامعات وشركات وأفراد، بل إن عددها يفوق ما هو مسجل من براءات اختراع عربياً بمقدار الضعف.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي الجدوى الاستثمارية من هذه الاختراعات هل يتم تسويقها محلياً وخارجياً، وكم تبلغ تكاليف الأبحاث الخاصة بها، وكذلك رسوم تسجيلها محلياً ودولياً، وهل استكملت الأنظمة والتشريعات الداعمة لتحويلها لواقع، وذلك للاستفادة منها، فتنعكس على الاقتصاد بمداخيل جديدة وتوليد فرص عمل، فالابتكارات والاختراعات تعد من أهم الدعائم للاقتصاديات الكبرى إذ بيعت بعض هذه الاختراعات والابتكارات بعشرات المليارات، وأضافت مئات الآلاف من فرص العمل لاقتصاديات تلك الدول سواء في القطاعات الصناعية والطبية والخدمية وغيرها، ففي الأجهزة الإلكترونية الذكية من جوالات وتابلت يوجد تطبيقات عديدة نستخدمها، وهي من يرفع من قيمة هذه الأجهزة، وعند البحث عن المعلومات الخاصة بملكية كل تطبيق تجد بعضها تحول إلى شركات قيمتها ضخمة وبعضها مدرجة بالأسواق المالية، هذا بخلاف الاختراعات بالآلات والمعدات من قبل شركات صناعية عالمية تحقق إيرادات ضخمة لتلك الشركات.
إن الاختراعات والابتكارات تحتاج لحاضنة لا تقف عند حدود تمويلها بمرحلة البحث بل فيما بعد ذلك عندما يتم تسجيلها، فالمطلوب هو أن تترجم لواقع من خلال تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية التي تتيح التوسع بالتسويق والتمويل لهذه الاختراعات والابتكارات وإلا ستبقى حبيسة الأدراج بلا تقييم أو انتفاع فعلي منها.
الابتكار والاختراع من أهم عوامل المنافسة لأي اقتصاد يبحث عن التميز والمكانة الكبيرة بين الدول، ومن المهم أن يتم تشخيص وتقييم الواقع لهذا المجال الحيوي ومعرفة كم ينفق عليه، وما هي العوائد التي تحققت حتى لا تكون بوابة لهدر الأموال وأيضاً عدم الاستفادة من هذه الأفكار التي قد يكون بعضها مجدياً اقتصادياً، وسيكون له أثر إيجابي كبير لو تم تطبيقه، مما يتطلب أن تقوم جهات عديدة بدراسة آليات التمويل الحديثة لكي يتم الانتفاع من هذه الاختراعات، ويتحقق العائد الاستثماري المأمول والمتوقع منها.