فيصل خالد الخديدي
يعيش الوسط الثقافي في المملكة العربية السعودية فترة انتقالية وانفتاحاً غير مسبوق وتنظيماً مستمراً لكل مفاصل العملية الثقافية، بدأ بتأسيس وزارة الثقافة وجهودها الملموسة في مرحلة البدايات لتأسيسها، وصولاً إلى العمل الجاد على تغيير وتنظيم خارطة المؤسسات الثقافية الموجودة أكثر من السابق، والاهتمام بالشأن الثقافي لم يعد متروكاً للاجتهادات الفردية ولا لرعاية جنس دون آخر من أجناس الثقافة، بل أصبح أكثر شمولية واهتماماً، والآمال تنمو وتكبر باستمرار هذا الاهتمام ليحقق الطموح المنشود ويصل بالثقافة المحلية لتطلعات رؤية المملكة 2030، والاستثمار الأمثل في الثقافة يبدأ بالاستفادة من الطاقات البشرية والقدرات الإبداعية لأبناء الوطن ودعمها وتنميتها، أيضاً الاهتمام بالموجودات سواء التنظيمية أو المكانية وتوظيفها بالشكل الذي يناسب طبيعة المرحلة ومواصلة البناء والتطوير والتحديث، فالثقافة متنامية ومتطورة والوطن الغالي يحمل بين جنباته قيماً تاريخية وثقافية تستحق التطوير والدعم وإظهارها بالشكل الذي يمثل واجهة الوطن المشرقة بثقافته.
يضم وطننا الغالي العديد من القصور الأثرية والتاريخية والمباني الحكومية التي أدت دورها في فترة من الفترات وبقيت بعد ذلك مهجورة رغم جودة بنائها وتماسك محتوياتها وقيمتها التاريخية والإنسانية إلا أنها لم يستفَد منها ولم توظف في خدمة الإدارة الحكومية التابعة لها ولا وظفت لخدمة المؤسسات الثقافية التي تعاني من المباني المستأجرة الغير دائمة، إن الاستفادة من القصور التاريخية والمباني الحكومية وتهيئتها كمراكز ثقافية أو بيوت وقصور للثقافة يختصر كثيراً من المصروفات التشغيلية التي تستهلك جزءًا كبيراً من مدخولات المؤسسات الثقافية، الفعل الثقافي أولى بها، وتضمن ديمومة المباني وتفعيلها بالأنشطة الثقافية بها والتعريف بتاريخها والإفادة منها كمتاحف للفنون وصالات عرض وقاعات متعددة الاستخدام بالإضافة لتجهيز ما يمكن تجهيزه منها لاستقبال العروض المسرحية والسينمائية.
إن اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد بالمثقفين في مجلس الملك عبدالعزيز في «بيت نصيف» بمنطقة «جدة التاريخية» -التي ضمت لقائمة التراث العالمي التابعة لليونيسكو- يعطي مؤشراً لمستقبل علاقة الثقافة بالقصور التاريخية وتفعيل دورها بشكل أكبر في خدمة الفعاليات الثقافية كما حدث مؤخراً من إقامة معرض تشكيلي في قصر خزام التاريخي بجدة والقادم مشرق لمستقبل الثقافة في ظل هذا الاهتمام.