مها محمد الشريف
إن الاتجاه اليوم يميل إلى التنفيذ وليس التعليق أو التنديد، فقد قدّمت بريطانيا مشروع بيان إلى مجلس الأمن الدولي، يندّد بالهجمات التي شنّها الحوثيون المدعومون من إيران ضد منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن «مثل هذه الهجمات تمثّل تهديداً خطيراً» للأمن القومي للمملكة، ومهمة «غريفيث» في اليمن.
إيران لا يكاد يأتي ذكرها في محفل أو خبر إلا وتحضر معه الصورة النمطية التي صنعها نظامها عنها بأنها دولة لا تصدر إلا الخراب والفتن، فبعد انخفاض المشاعر المحتدة لثورة عام 1979 عادت مبادئ وتقاليد الحركة الشعبية تجلب الاهتمام مرة أخرى، ولكن المثير كيف أن العديد من النزعات والاتجاهات المتنوّعة في السياسة الإيرانية تتعاقب وتتراتب وتختلف ولكن النتيجة واحدة لا تتغيّر.
لقد ذهبت الأمور أبعد من هذه النقطة إلى إمدادات عسكرية لمليشيات الحوثيين وأصبح الأمر هو الأكثر جدلاً في المنطقة وكبر حجم المسائل السياسية التي واجهت المملكة ودول الخليج، ولكن بريطانيا اليوم تطالب الميليشيات بعدم عرقلة «الانتشار في الحديدة» وتقدم مشروع بيان أممي يندد بالاستهداف الحوثي للسعودية.
وعلى الرغم من ذلك كله يأخذنا التاريخ إلى أحداث سابقة للموقف البريطاني في عهد الانتداب البريطاني، حيث ضم الشاه إقليم الأحواز لإيران عام 1925 وكان إمارة عراقية تتمتع بالحكم الذاتي وأعدم حاكمها خزعل الكعبي، وخاصة بعد اكتشاف النفط بالمنطقة، وتم القضاء على إمارة بني كعب العربية بعد أسر الشيخ خزعل الكعبي وإعدامه، ومنذ ذلك التاريخ سيطرت إيران على عربستان، واتبعت السلطة الإيرانية سياسات تمييزية ضد عرب الأحواز في التوظيف وفي التمييز.
فقد كانت الثورة الإيرانية مسؤولة عن بدء حقبة الأصولية الخمينية، من حزب الله إلى تنظيم القاعدة إلى الجماعات الجهادية المتنوّعة لها عدة أهداف أهمها القضاء على العلمانية والنفوذ الأميركي في الحكومة وزيادة الحرية السياسية، وقد استمر في إيران التذمر والخوف من الاستبداد منذ بداية عهد الشاه وبالتحديد من السافاك البوليس السري إلى الحرس الثوري في مرحلة ما بعد الثورة.
وتم تصدير هذه الثورة لتغطية العجز الاقتصادي في البلاد ما زاد من تطرفهم وشحذ نواياهم الشريرة ضد دول الخليج والعالم العربي، فهي لا تملك نظام مقومات الدولة لأن تركيبتها لا تشبه أي نظام سياسي في العالم، مرشد يدير كل شيء دون منصب مماثل ولا شبيه له في العالم، والرئيس أو الحاكم هو مجرد رئيس حكومة تنفيذي، يستخدم القمع والإعدامات والتمييز الطائفي ويتهم المعارضين ليقدمهم للإعدام دون محاكمة؛ ففي عام واحد يُعدم في إيران ما لا يقل عن 900 شخص.
وإن هذا يتغذّى من الإرهاب ليكون حقاً مشروعاً لدولة ساهمت بسياساتها المارقة في دعم النظام السوري الفاقد للشرعية في قتل مئات الآلاف من مواطنيه سواء بالمشاركة بقواتها أو بالدعم المالي الذي فاق 50 مليار دولار على مدى سنوات من عمر الثورة السورية.
وبهذا المعنى فإن تاريخ إيران هدفه الأول تعطيل الحياة السياسية في الدول العربية وعلى سبيل المثال لبنان من خلال وكيلها حزب الله ووزرائها المنتمين للحزب، أضف إلى ذلك تدخلاتها باليمن وفكر التخريب والتدمير الذي مارسته متجاوزة المحاذير الدولية واستهداف المدن السعودية بصواريخها الباليستية، وتنفيذ أجندتها وفق خطط تخريبية تقوم على التجييش الطائفي من الحوثيين.
وأفضل رد على هذه الأعمال والشغب إيقاف هذه الدولة المصدرة للإرهاب وتدخلاتها غير المشروعة في الشؤون الخاصة في اليمن وكشف أقنعة الخونة المشاركين للميليشيات الانقلابية والملابسات التي تحوم حول الأمم المتحدة والتي تعتبر مظلة للأمن الدولي؟ فهل المشروع الذي قدمته بريطانبا يطالب الميليشيات بعدم عرقلة «الانتشار في الحديدة» والمبعوث الأممي مارتن غريفيث يدعم هذه المليشيات ويعتبرها شريكة؟