ياسر صالح البهيجان
تشير إحصاءات إلى أن المتحدثين باللغة العربية على مستوى العالم يبلغون نصف مليار إنسان، وهم في أفضل الأحوال لا تتجاوز نسبتهم 27 في المئة من إجمالي عدد المسلمين في العالم، في حال استثنينا العرب غير المسلمين، أي أن هناك قرابة المليار و300 ألف مسلم لم يتعلموا اللغة العربية، وأجزم بأنهم يتوقون لتعلمها؛ ليتمكنوا من قراءة القرآن الكريم والسنة النبوية ومختلف العلوم التي كُتبت باللسان العربي.
وبما أن أرض المملكة شهدت انطلاقة الرسالة الإسلامية السمحة، وتنزل الوحي بالقرآن المعظم بلغة عربية مبينة، فإن إنشاء المراكز والمعاهد المتخصصة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في وطننا له ميزة تختلف عن أي موطن آخر، شريطة أن تتأسس وفق منهجية علمية، تراعي أحدث أساليب تعلم اللغات، إلى جانب توفير بيئة مناسبة، تليق بمكانة المملكة عالميًّا.
أعتقد أنها فرصة اقتصادية وثقافية هائلة إن عملنا جاهدين على أن تكون المملكة الوجهة الرئيسية الأولى عالميًّا لتعلم اللغة العربية. وإن كانت اللغة الإنجليزية هي لغة العلوم المعاصرة فإن لغتنا هي لغة الدين الإسلامي الذي يؤمن به مليارا إنسان على وجه الأرض؛ لذا فإن الدافع لتعلم اللغة العربية دافع تعبدي، له قوته وتأثيره في إقبال المسلمين على لغة الضاد، فضلاً عن غير المسلمين ممن تدفعهم الرغبة في اكتساب لغات جديدة.
نحن في زمن رؤية جديدة طموحة، تسعى إلى الاستفادة من جميع إمكاناتنا الكامنة ونقاط قوتنا غير المستغلة، وحان الوقت لتتعاون وزارة التعليم ووزارة الثقافة وهيئة السياحة في إنشاء برنامج عالمي لتعليم اللغة العربية؛ لنبدأ باستقبال الطلبة الراغبين في تعلمها، تمامًا كما تفعل الدول التي تستقطب طلابنا لتعلمهم اللغة الإنجليزية.
وعندما نتحول إلى وجهة أولى لتعلم اللغة العربية فإن لذلك انعكاسه الإيجابي للتعريف بالمملكة وثقافتها وإرثها الحضاري ومواقعها السياحية وتنوعها الجغرافي؛ وهو ما سيسهم في إبراز الصورة الحقيقية عن مجتمعنا الإنساني المتسامح والنبيل، فضلاً عن أن ازدياد أعداد الناطقين باللغة العربية سيضاعف من عدد المؤلفات المكتوبة بها، وسيثري المكتبة العربية بآلاف الكتب الجديدة، وقبل هذا وذاك هي خدمة جليلة، تقدمها المملكة للإسلام والمسلمين.