لا يخفى على الجميع ما يعيشه العالم من تقلبات في جميع المجالات، ولا سيما تفاقم التوتر على الصعيد السياسي والتقلبات الأمنية تجعل العالم على حذر في ترتيب أوضاعها، ويحتاج ذلك إلى دقة وحزم وحكمة بمعنى أصح دبلوماسية مهمة وحنكة، الدبلوماسية حقيقة هي صفة تخص من يمثل الدولة سياسياً ومحاولة تصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية وأساليب التعامل السياسي بينَ الدول، كما يمكن القول إنّها فن ممارسة العلاقات الدولية مثل إبرام المعاهدات، والاتفاقات، وقد عرفَ تشو إنلاي وهو وزير الخارجية الصينية من 1949م وحتى 1958م وأول رئيس وزراء فيها الدبلوماسية بأنّها استمرار الحرب بوسائل أخرى، ويتضمّن هذا التعريف استخدام القوّة الناعمة والقوّة الخشنة، وقد عرّف جوزيف ناي وهو أستاذ العلوم السياسية الأميركي والعميد السابق لجامعة جون كينيدي القوّة الناعمة بأنها المقدرة على إقناع الناس بآرائنا دونَ استخدام القوة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية.
وتحدث وليام سترانج، وكيل الوزارة الدائم في وزارة الخارجية البريطانية من 1949 إلى 1953م عن الدبلوماسية في زمن الحرب، حيثُ قال إنها تصبح مسؤولية كل فرد عندما تصبح الحرب مأساة الجميع دون استثناء، ما أود قوله إنها مهارة وحنكة تحتاج إلى صفات متميزة منها الوعي بالاختلافات الثقافية واختيار الألفاظ بعناية تامة وكذلك إتقان لغة الجسد، وهنا عرفت المملكة الدبلوماسية بأنها السعي إلى السلام وتحقيق الأمن والأمان والحرص على الاستقرار ومعالجة الأوضاع الصعبة بالحكمة والحنكة والذكاء المتفرد.
وهذا ما نشاهده حقيقة من دبلوماسية تجلت في المملكة العربية السعودية ورجالها وما تعمله من أعمال جليلة ومهمة من اجل الاستقرار ليس على الصعيد الداخلي فقط بل على الصعيد الإقليمي والدولي ومحاولة جادة في ذلك، وهذا ما أكدته المملكة العربية السعودية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحدث وزير الخارجية بأن المملكة تقف على مجموعة من المبادئ والثوابت المهمة التي تقوم عليها سياستها الخارجية، وأولها الاتجاه بالطريق الصحيح وهو الحلول السلمية لكل نزاع ومحاولة حلها بشتى الطرق ولا تمانع في وجود وسائط توافقها على تحقيق الهدف السامي التي ترمي إليه، ولعل آخر ما تم في السعودية من تحقيق الاتفاق بين دولتي إثيوبيا وإريتريا، والذي كانت المملكة سبباً في تحقيق الأمن وإنهاء النزاع الذي شهدته القارة الأفريقية. وما تبني للاجتماع التاريخي بين قادة دولتي إريتريا وجيبوتي بعد قطيعة استمرت (10) سنوات، خيرُ شاهد على حرص المملكة على الاستقرار في الدول وتحقيق السلام. بالإضافة إلى وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية ومساعدتها من أجل استقرارها وكذلك تقديم المساعدات لليمن ومحاولة احتوائهم بشتى السبل جهود جبارة ورؤى مستقبلية تجلت في تلك الدبلوماسية التي تجعل العالم يقف حائراً أمامها، وهنا أحب أن اكتب بأن رسالة المملكة العربية السعودية رسالة سامية تسعى فيها بأن يكون العالم في سلام واستقرار وتكون مع العالم جميعاً لنحظى بحاضر جميل ومستقبل مشرق مضيء ولتعيش الأجيال بسلام وطمأنينة بتحقيق الأمن والأمان في جميع البقاع، متخذة شعارا لها ألا وهو الانتصارات الحقيقية والدائمة هي انتصارات السلام وليس انتصارات الحرب.