د. جاسر الحربش
قبل عشر سنوات تقريباً، يوم الاثنين 29-3-1431هـ، دخلت طائعاً لأكتب بانتظام لهذه الزاوية مرتين في الأسبوع واليوم أخرج منها طائعاً كما دخلت. كان عنوان الحلقة الأولى «مدخل إلى اسم هذه الزاوية»، ولذلك أجعل عنواناً للحلقة الأخيرة اليوم «الخروج من هذه الزاوية»، مخلياً المكان والاسم برسم التقبيل لمن يريد ملأها وبدون خلو قلم.
كنت قبل هذه الزاوية أكتب في اليمامة ثم توقفت طائعاً لسنوات. قررت العودة للكتابة في صحيفة الجزيرة العريقة بدافع وجوب الكتابة التنويرية في ذلك الزمن الذي بدأت فيه العربة الوطنية تتحرك إلى الأمام، بعد أن كانت الكتابة من قبل سباحة ضد التيار. أما اليوم فقد انطلقت العربة بسرعة فائقة نحو الأمام، بحيث لم تعد كتابات الرأي على النمط القديم تناسب الزمن ولا احتياجات المرحلة، ناهيكم عن أن قراء ذلك النوع النمطي من الكتابات في تناقص سريع. شباب اليوم من الجنسين لم يعد لهم النفس الكافي للقراءات الطويلة، ولا تجذبهم الانتقائية والتأنق في أساليب الكتابة، فهم يريدون المختصر المفيد وقد وجدوا ملاذاتهم ومناكفاتهم في حوارات التواصل الاجتماعي الحديثة.
دخل كتاب الصحافة الورقية المخضرمون في كل العالم في مرحلة انقراض، وكذلك كافة وسائل التواصل القديمة. أعتقد أن سلسلة الانقراض هذه وصلت إلى المواقع الصحفية الإلكترونية التي من المفترض أن ترث الصحف الورقية. الإشكالية ليست في المادة الناقلة فقط وإنما أيضاً في وسائل ومسالك التواصل بين الأجيال وهذه تخضع لعوامل السرعة وطرق التفكير ومفاهيم الحياة بشروط الأزمنة الجديدة في كل شيء ثم المغادرة بسرعة إلى الجديد الجديد. كان الكاتب مثلي يتفاعل مع تعليقات القراء ويفرح إذا كثر عددهم وينقبض مزاجه إذا صغر العدد، واليوم تمر عشرات المقالات بدون تعليق واحد. بناءً على ذلك أستودعكم الله وأستسمح صادقاً من كل قلبي من سببت لهم بعض الحلقات الضيق والانزعاج لأنني لا أعتقد أن عددهم قليل.