م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. تختلف أذواقنا باختلاف وجوهنا.. كما تختلف باختلاف أعمارنا، وجنسنا، ومواقفنا، ومواقعنا، ومصالحنا، وأهوائنا، وآرائنا، وتربيتنا، ومعارفنا، وأماكن نشأتنا.. هذا على الاتجاه الشخصي الذاتي.. أما في الاتجاه المقابل مع الطرف الآخر فهي تختلف باختلاف المبدع الذي نحكم على إبداعه بذائقتنا.. تحكم ذائقتنا معايير مبنية على تصورات منها: هل المبدع قريب أم بعيد.. هل هو منا أو من غيرنا.. هل هو مشابه لنا أم مختلف عنا.. هل المبدع مساير لنا أم مصادم لنا.. هل هو معنا أم ضدنا.. هل نفهمه أم لا نفهمه.. هل يدعم مصالحنا أم يعارضها ... إلخ؟
2. ترتبط الذائقة بدواخلنا وما نحن عليه نفسياً.. وما تعرضنا له تربوياً.. وما نعيشه بيئياً.. وما نمارسه مهنياً.. وما نتعرض له اجتماعياً.. وما نملكه اقتصادياً.. وما يُفْرض علينا سياسياً.. وما نُوَجَّه به دينياً.. وما نستوعبه معرفياً.. وما يتفق مع رغباتنا مصلحياً.. وما يأتلف مع شهواتنا غرائزياً.. وما يسمو بأخلاقنا إنسانياً ... إلخ.
3. كثيرة هي الأشياء التي يمكن أن يكون لكل الناس فيها رأي يجمعون عليه أو يختلفون.. إلا الذائقة لا أمر ولا رأي لأحد فيها.. فهي أمر شخصي جداً لا يشترك فيه أم أو أب أو صديق.. حتى صحة الإنسان مثلاً وهي أكثر ما يخص الفرد شخصياً.. إلا أن للآخرين فيها رأياً ففي العمل أو الزواج مثلاً الصحة لها دور في القبول أو الرفض.. بينما الذائقة لا دخل لأحد بها فهي أخص الخصوصية.. ليست هناك خاصية فردية لا علاقة لأحد بها سوى الذائقة.. من هنا كان للذائقة موقع مهم في معيار إنسانية الفرد.
4. الذائقة والذوق والتذوّق ثلاث مفردات من مشتق واحد.. ولكل واحد منها اتجاه مختلف في معناه عن الآخر تماماً.. فالذائقة وصف للمطلق الجمعي.. وصف لحالة أو ظاهرة أو مزاج.. والذوق صفة فردية اختيارية تتأثر بالبيئة التي تتربى فيها.. والتذوّق فعل تُكَوِّن من خلاله رأياً وتتخذ قراراً.