فهد بن جليد
قناة الجزيرة القطرية ظهرت مع بداية الصيف وموسم الإجازات هذا العام كمؤسسة «علاقات عامة» لتلميع صورة تركيا في الذهنية العربية، وكأنَّها تُحاول أن توجد «لقطر» المتأزمة داخلياً وإقليمياً بأي دور -مهما كان ثانوياً- للدفاع عن السياسة التركية والترويج للسياحة المتراجعة فيها بشكل حاد لأسباب مُتعدِّدة ومتنوعة لمعظم الجنسيات في العالم ومن بينهم القطريون أنفسهم، ولو لزم الأمر «البكاء على اللبن المسكوب» بطريقة الجزيرة الخاصة لتكون «تركية أكثر من الأتراك أنفسهم»، بقلب الحقائق والاستمرار في مسلسل التضليل والكذب والخداع، ولعلَّ آخر الفصول تعليق القناة بشكل «غير مهني وغير موضوعي» على «فيديو قصير» غرَّدت به صحيفة الرياض، لتجعل منه قناة «اللطم» قضية بتفرّغها لتحليل جزء مُنحاز من ردود المتابعين وتعليقاتهم، وإظهار وكأنَّها مغايرة لمحتوى التغريدة، وأنَّ الناس ماضون في جعل تركيا خيارهم الأول للسياحة هذا الصيف بعيداً عن تأثير الأحداث الجارية.
المهنية والاحترافية الإعلامية لا تترك مجالاً للاجتهاد في مثل هذه القضايا ولو بإبداء الرأي بعيداً عن «لغة الأرقام» التي هي الفيصل، مُتناسية أنَّه «لا اجتهاد مع الأرقام» خصوصاً عندما تكون الدلائل والأرقام والتعليقات صادرة من وسائل إعلام تركية، ومؤسسات محلية معنية بقطاع السياحة الذي يوفر أكثر من 32 مليار دولار لخزينة تركيا سنوياً، والتي تؤكد تراجع الرقم على مدى السنوات الثلاث الأخيرة 2016م، 2017م، 2018م، وإذا كان المثل يقول «ليالي العيد تبان من عصاريها» فإنَّ مكاسب صيف 2019 لن تكون أحسن حالاً مع تراجع نسبة السياح ومُعدلات الحجوزات التي تُعرِّيها مُقارنة بالسنوات السابقة، ويمكن الرجوع هنا لما تم نشره في صحيفة «زمان التركية» وموقع «عثمانلي» وغيرهما من المواقع والمصادر التركية والأوروبية عن تراجع نسبة السياح بين 6-30 في المائة من مختلف دول العالم لأسباب مُختلفة، وهنا علينا أن نكون مُنصفين بأنَّ هناك سياحاً سعوديين وغير سعوديين ما زالوا يقصدون تركيا ويضعونها من ضمن خياراتهم الشخصية -طالما أنَّه لا يوجد مانع رسمي من الذهاب إلى هناك- ولكن يُقابل ذلك تراجع ملموس بقرارات وقناعات شخصية أيضاً ليس من المهنية تجاهل تأثيرها على مُجمل أرقام السياح السنوي الذي أقرت به «الجهات المعنية» بالسياحة في الداخل التركي، تقارير وسائل الإعلام التي تستقي أرقامها من المشتغلين في قطاع السياحة بمهنية وموضوعية.
مخاوف الذهاب إلى تركيا مُعتبرة انطلاقاً من «الحس الوطني، مخاوف أمنية، توفر بدائل ووجهات جديدة، كثرة وتواتر الأخبار المتداولة حول الاعتقالات والمصاعب التي تواجه السياح هناك»، وهذا لا يخص الخليجيين دون غيرهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.