محمد آل الشيخ
كل المؤشرات التي بين أيدينا تؤكد أن التصالح مع دويلة قطر في المستقبل المنظور شبه مستحيل إذا لم يكن مستحيلاً بالفعل. الأمر الوحيد الذي قد يُخرج دويلة قطر من مأزقها الذي وضعها فيه سياسيوها هو (غياب) الأمير الوالد حمد بن خليفة، الذي تواترت الأنباء أنه على سرير أحد المستشفيات في أمريكا، وأن حالته الصحية تتدهور باستمرار. الجميع يعرف أن الأمير الوالد حمد بن خليفة يمسك بزمام مقاليد السلطة في قطر، وأن ابنه (تميم) لا يبرم أمراً إلا بعد أن يأذن له والده؛ بمعنى أن تنحيه عن السلطة وتأمير تميم كان صورياً محضاً، وهناك شبه قناعة أن حمد هذا رجل عنيد ولا يتراجع عن أمر حتى لو كانت انعكاساته على بلده كارثية.
وليس لدي أدنى شك أن مقاطعة الدول الأربع أربكت حساباته، وهدَّدت كثيراً من طموحاته ومشاريعه، لكن العناد والمكابرة هما اللذان تسيطران عليه، ويجعلانه يشعر إذا ما تراجع بالهزيمة والخنوع، وخصوصاً أن فشل ما سماه الربيع العربي أيضاً أصابه في مقتل، فأحس ربما لأول مرة أن (المال) وحده لا يحقق الطموحات إذا لم تواكبه حصافة وحسن تدبير.
والسؤال الذي يتداوله القطريون في مجالسهم: ماذا لو غيَّب الموت حمد، هل يستطيع الأمير الحالي أن يضطلع بالقضايا المتشابكة والمعقدة التي تسبب بها والده، والتي تعصف باستقرار هذه الإمارة الصغيرة؟
يقول المطلعون إن تميم ذو شخصية ضعيفة، ويرتبك عند المواجهة، ولا يحظى باحترام لا بين الأسرة الحاكمة ولا بين الشعب القطري، ولا يمتلك شخصية ذات كاريزما تجعل منه شخصية جذابة وقيادية، الأمر الذي يجعل الصراع على عرش الإمارة ممكناً، وممكناً بقوة.
أكثر المرشحين لخلع تميم من آل ثاني هو رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق حمد بن جاسم بن جبر، لاسيما أنه يملك من الخبرة والحضور والعلاقات الدولية ما يجعله يتفوق مرات ومرات كثيرة على تميم، غير أن زوجة حمد الشيخة موزة، ووالدة تميم يسمونها في قطر (المرأة الحديدية)، ومن المشهور أنها تكن لابن جاسم قدراً كبيراً من الكراهية والبغضاء، وقد مكَّنها حمد بن خليفة من بعض صلاحياته في الشؤون الاجتماعية وكذلك التعليمية، كما مكّن إخوانها الأشقاء بمسؤوليات أمنية واستخبارية، بما يجعلها رقماً صعباً في معادلات النفوذ والسلطة في قطر يصعب تجاوزه، وهي تعلم يقيناً أن ابنها تميم سيفترسه ابن جاسم، وينحيه إذا وجد فرصة، لذلك يبدو أنها بمساعدة النافذين من إخوتها، قد احتاطت للأمر، ورتبت تكبيل ابن جاسم لو حاول (الانقلاب) على تميم. أضف إلى ذلك أن جماعة الإخوان في قطر لهم قوة ونفوذ وسطوة، وهم سيساندونها ويساندون ابنها ضد ابن جاسم الذي لا يبدو أنه مع الجماعة على ما يرام، كل ذلك يجعل الأوراق الموضوعية التي يملكها تميم أقوى بكثير من الأوراق التي يملكها ابن جاسم.ما تقدّم يجعل الفرصة التي قد تغيّر أوضاع قطر هي وفاة حمد، وإبعاد ابن جاسم عن المشهد، وهناك شائعات كثيرة أسرّها تميم للمقرّبين منه مؤداها أنه يختلف مع والده حيال سياسته (التنمرية) اختلافاً جذرياً تجاه المملكة ودول الخليج الأمر الذي يجعل القطريين يؤملون بالخروج من المأزق بعد وفاة حمد.
إلى اللقاء