فهد بن جليد
تسرُّب عدد كبير من «السياح السعوديين» من السوق المحلي للسفر والسياحة أمر يجب أن يزيد من قلق المسؤولين عن هذه الصناعة ليس للترويج للسياحة الداخلية فحسب، بل للحد من إجراء حجوزات مُسافرينا «للخارج» من مكاتب وشركات سفر أجنبية - في الغالب خليجية في دبي والكويت أو أوربية- بحثاً عن السعر الأفضل مع المُنافسة الشديدة، لا أحد يلوم «السائح» عندما يبحث عن أفضل العروض لرحلته، وخصوصاً أنَّ تلك الشركات تُقدم خصومات وميزات أفضل للسائح السعودي لناحية «سعر التذكرة وتكلفة الإقامة»، ولا أعرف «لماذا تملك الشركات والمكاتب الخليجية خصومات أكبر من نظيرتها السعودية؟»، لتبقى أرخص حتى بعد فرق العملة وزيادة تكلفة خط سير «الترانزيت» من وإلى تلك المحطات.
لن نستطيع المُنافسة طالما أنَّ «تكلفة المُسافر وأجرة الطائرات» في المطارات السعودية هي الأغلى تشغيلياً في المنطقة بشهادة المُتخصِّصين، وهذه ليست ميِّزة اقتصادية بقدر ما هي أحد العيوب التي استغلتها المطارات المُنافسة وشركات الطيران الأجنبية بعدما تم فتح مطاراتنا المحلية أمامهم بتقديم عروض «للمُسافر» يظهر لنا أنَّها الأفضل إذا ما حسبناها من الناحية الشخصية والمصلحة الخاصة، ولكنَّها مُضرَّة بالصناعة الوطنية ككل على المدى البعيد، والحل دائماً بيد «هيئة الطيران المدني» التي يُمكنها إعادة الهيكلة والرسوم لحماية شركات وخطوط الطيران الوطنية، وتشغيل مطاراتنا والاستفادة من موقعها وعدد المُسافرين بطريقة أفضل بالاستماع على الأقل للمُقترحات والمشاكل والصعوبات التي تواجه الناقلين «الوطنيين» والعمل على تذليل الصعوبات التشغيلية، بما يضمن حصول السائح السعودي على أفضل عروض»للسفر من بلده داخل بلده» ليُسافر عبر «رحلات مُباشرة» من وإلى مطارات المملكة، بدلاً من أن تستغل خطوط الطيران الأجنبية أجواءنا ومطاراتنا الإقليمية للخروج منها مباشرة، لتعوّض التكلفة العالية في التشغيل بعدد المسافرين من المطارات الأصلية «الترانزيت» التي تقصدها، إضافة إلى أنَّ السعوديين المُغادرين من المطارات الإقليمية غير السعودية، هم في الحقيقية قوة اقتصادية سعودية - مُهملة- لا يُستفاد منها، بل تُحسب في مُعادل الميزان الاقتصادي لدول أخرى!
ما سبَق يمكن تفهمه لأنَّ أسبابه معروفة والحلول واضحة أمامنا، ما لا يُمكن فهمه حقيقة ويحتاج لتدخل من هيئة السياحة والتراث الوطني هو أنَّ تكون العروض الفندقية الترويجية الداخلية المُقدَّمة للمُسافرين من خارج السعودية - أرخص بحدود 35 إلى 50 في المائة- من العروض المُقدَّمة للداخل السعودي في «فنادق سعودية» ففي موسم رمضان هذا العام كان سعر حجز الفنادق السعودية أرخص لدى مكاتب السفر والسياحة خارج المملكة؟ خصوصاً في مُدن مهمة مثل «مكة والمدينة والرياض»، ألا يعني هذا أنَّ التسرُّب بدأ يتمدَّد لقطاعات وأنشطة أخرى، وبطريقة مُعاكسة ومُضرَّة؟ وأنَّ العلاج يجب أن يكون سريعاً وشاملاً؟
وعلى دروب الخير نلتقي.