د. صالح بكر الطيار
تصرف الدولة مليارات الريالات على الجامعات السعودية، والتي باتت تغطي كل أرجاء الوطن، ووصلت خدمات التعليم العالي إلى كل القرى والهجر، مما انعكس إيجاباً على توفير مصاريف التنقل والسفر وحتى البحث عن مقاعد جامعية بالخارج، في ظل هذا العدد الكبير للجامعات في كل المدن، وتنوع التخصصات والكليات وغيرها.
رغم ذلك لا تزال هنالك العديد من السلبيات التي تكتنف مستقبل المخرجات سنوياً، فهنالك آلاف الخريجين والخريجات الذين يتخرجون بمعدلات متزايدة في تخصصات مختلفة، في حين أن العديد منهم يصدم بمساحات محدودة أو معدومة من التوظيف في القطاع الحكومي، وكذلك عدم وجود وظائف توازي مؤهلاته في القطاع الخاص، إضافة إلى طلب الشركات والمؤسسات خبرات وتدريباً إضافياً على الشهادة الجامعية حتى يتم القبول في الوظيفة، في ظل جنوح العديد عن الوظائف الخاصة، في ظل عدم وجود الأمان الوظيفي أو قلة المردود أو ارتفاع أعباء العمل وغيرها، والتي تعد إشكالية أخرى تتعلق بمفاهيم لدى الشباب، آن الأوان لأن تتعدل وتتغير لمواءمة متطلبات الزمن ومواجهة ظروف الحياة.
هنالك تخصصات لا تزال مفتوحة ومتاحة رغم وجود المئات والآلاف ممن خرجوا من بواباتها ولا يزالون في طوابير الانتظار، فلماذا تتمسك الجامعات بفتح هذه الأقسام التي تستهلك المال والجهد والمصروفات في ظل توفير الأجهزة والخدمات المساندة ومصاريف رواتب الأساتذة والموظفين وغيرها؟ ومن المؤلم أن بعض الجامعات لا تزال تطلب أساتذة في ذات التخصصات، في لجان التعاقد سنوياً في كل الجامعات توجد مراكز أبحاث يتعين فيها العشرات من الأساتذة والقياديين والموظفين، وتصرف لها ملايين الريالات، فيما تظل أبحاثها دون المأمول، والدليل اتجاه الشركات والقطاعات الحكومية لمراكز أبحاث خارجية أو خاصة نتيجة انعدام التواصل والتعاون بين القطاعات الرسمية والجامعات، ووسط محدودية إنتاج هذه المراكز، في حين أن مراكز الأبحاث الخارجية تفاوض عشرات المبتعثين المتميزين للعمل بها، في حين أن مراكز أبحاث الجامعات لا تعي بقيمة مثل هؤلاء.
توجد بالجامعات عمادات لخدمة المجتمع تقدم خدماتها بشكل متفاوت من عام إلى آخر، ويظل عملها داخلياً بنسبة أكبر، فأين هي من المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني ومن المشاركة بفاعلية في عقد ورش العمل والندوات الكبرى بالتعاون مع جهات أخرى حتى يشمل نفعها المجتمع وشرائحه بشكل عام، حتى تخرج من التخصصية ويكون عملها أكثر شمولية.
أتمنى أيضاً أن يكون لدى الجامعات صناديق خاصة بمكافأة الطلاب المتفوقين حتى يتم رفع جانب المسؤولية الاجتماعية والوطنية لدعم المتميزين مادياً، ورفع مستوى التنافس نحو التطوير المفترض.
وأرى أن تشارك الجامعات بشكل أكثر مرونة واتساعاً في مجال المسؤولية الاجتماعية والدعم الخيري لأنها تمثل الواجهات التعليمية الأكبر بالوطن وتنعم بميزانيات عالية.
يجب أن تعيد الجامعات النظر في ترشيد المصروفات فيما يخص المباني والأجهزة والتجميل وغيرها، وأن تركز أكثر على التوطين وعلى دعم الأبحاث والمشاركة بفاعلية في المناسبات الاجتماعية والثقافية.