يوسف بن محمد العتيق
في قمة اشتغاله بملفات اقتصادية وسياسية شائكة، يتحدث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن أهمية متحف إسلامي يخدم أبناء المملكة وضيوفها.
وفي قمة متابعته لملفات نيوم والقدية والحرب على أعداء الشرعية في اليمن، يوجه بالعناية بالمساجد التاريخية وترميمها.
وفي الوقت الذي تجد على طاولة الأمير محمد بن سلمان ملفات داخلية وخارجية مهمة، يوجه بالعناية بجدة التاريخية ويدعم هذا التوجيه بتبرع سخي.
وهكذا ولي العهد دائمًا تجد أنه يرى الماضي والمستقبل كجناحي الطائر لا يمكن أن يطير بدونهما.
وفي الوقت نفسه تجد أن حديثه ينطلق من رؤية تاريخية وتراثية كما ينطلق في الوقت نفسه من رؤية حديثة فيها استشراف للمستقبل.
تحدث الأمير محمد عن الحكومات المعاصرة وتاريخها، وكلنا يذكر حديثه الثري عن المقارنة بين تأسيس المملكة العربية السعودية وتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، وكان حديثه في ذلك مبنيًا على معلومات تاريخية مهمة.
وحينما تكلم الأمير محمد بن سلمان عن الشباب ودورهم في صنع القرار السعودي، كان له تصريح مهم عن دور ولاة الأمر في هذه البلاد عن دفع الشباب لخدمة الدين والوطن والمواطن من خلال استقراء تاريخي دقيق.
استثمار التراث والتاريخ في الحديث يعطي ثراء وخدمة للموضوع، كما أن الحديث عن الجوانب المعاصرة يعطي للحديث في الوقت نفسه شمولية وقوة.
ولست بحاجة على التأكيد هنا على أن القائد الذي تكون إحدى ركائز قراره المنطلقات التاريخية يختلف عن من يغيب التاريخ عن مشهد القرار لديه.
هذه الشخصية التي امتاز بها ولي العهد المؤرخ نجدها مستمدة من شخصية جده ومؤسس هذا الوطن الكبير والكريم الذي استثمر حفظه لتاريخ الوطن للتعامل مع أفراد شعبه بل وخصومه ومحاربيه الذين تحولوا على أكثر المدافعين عنه والموالين له.
ولا يغيب عن هذا المشهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان المسكون بهموم التاريخ حتى عد أبرز صديق وداعم للمؤرخين، كيف لا وهو القائل (أنا ممن يعتقدون أن من لا تاريخ له لا حاضر له والأمم تعتز بتاريخها، ولا شك ونحن أولى الناس بالاعتزاز بتاريخنا، فقد صدر الحضارة لأنحاء العالم، وهذا كما تعرفون عندما كانت بعض أنحاء العالم لا تؤمن بالحضارة بل تطرد الحضارة طرداً وكان العرب والمسلمون هم من ثبت هذه الحضارة في أنحاء العالم)، وهو القائل (إن التاريخ جزء أساسي من حياتنا، من ليس له ماضٍ ليس له حاضر، لذلك أنا مسرور أن نواصل مسارنا في بحث التاريخ العربي الإسلامي الذي هو -والحمد لله- مشرف بل صدر الحضارات للعالم كما تعلمون).
هذا ما قاله خادم الحرمين الشريفين وهو الملهم الأول لسمو ولي العهد، وهكذا نفهم أن القرار في هذه البلاد الغالية يصنع من خلال نظرة عميقة تقوم على الاستلهام من التراث والتدقيق في الحاضر واستشراف المستقبل.
حفظ الله وطننا وقيادته، ونكرر التهنئة والتبريكات لسمو ولي العهد الذي تصادف هذه الأيام الذكرى الثانية لمبايعته وليًا للعهد -أمده الله بنصره وتأييده.