د. أحمد الفراج
وسط عجز الديمقراطيين وإحباطهم هذه الأيام، بعد أن خيّب المحقق الخاص، روبرت مولر، آمالهم، يبرز ضغط بعض قادة الكونجرس على رئيسة مجلس النواب، نانسي بلوسي، لبدء إجراءات عزل ترمب، ولا تزال بلوسي تتلكأ، ليس حباً في ترمب، ولكن لأنها تعلم أن هذا الإجراء سيفتح عليها وعلى حزبها أبواب جهنم، لا من حيث التوقيت، ولا من حيث المعطيات الأخرى، والتي يطول الحديث حولها، والسيدة بلوسي سياسية من عيار خفيف، مع فائق الاحترام لها، فهي ليست من الصنف القادر على حشد الساسة والجمهور حول قضاياها، وهي تعلم ذلك جيداً، إذ هناك رؤساء سابقون لمجلس النواب، كانوا قادرين على الدفع بالقضايا، والوقوف أمام رغبات البيت الأبيض، مثل جيمز بلين، وسامويل راندال، وسام ريبورن، وتيب اونيل، ونانسي بلوسي ليست قطعاً ضمن هذه القائمة.
كانت آخر صيحات رئيسة مجلس النواب، نانسي بلوسي، هي أنها لا تفضّل عزل ترمب، بل ترغب في رؤيته بالسجن! وهذا يدل على أنها بارعة في مجال الكوميديا، كما يدل على أن أحلام الديمقراطيين لا حدود لها، ولا غرو، فالإعلام المضاد لترمب ينفخ في السيدة بيلوسي، ويأمل أن تبذل قصارى جهدها، على الأقل لمواصلة عرقلة عمل ترمب، وكلما ارتفعت أسهم ترمب داخلياً وخارجياً، زادت حدة الهجوم عليه، وهو مغرم بالإعلام المرئي، ويتابع كل ما يقوله خصومه، وهم إعلاميون كبار ومحترفون، من وزن اندرسون كوبر وكريس هيز وكريس كومو وغيرهم، ولا أدري لماذا هو كذلك، فمعرفة خصومه بنقطة الضعف هذه، تجعلهم يزيدون عيار النقد والاستفزاز إلى أقصى حد ممكن، ثم عندما يتجاوب، عبر حسابه في تويتر، وهو دائماً ما يفعل، يشعرون بالنشوة، وهكذا هو الحال منذ فوزه بالرئاسة.
زار ترمب اليابان، وكان من ضمنها لقاء إمبراطور اليابان الجديد، ورغم أنه كان هناك تخوف من أن لا يلتزم بالبروتوكول أو يرتكب حماقة، إلا أنه أتقن المهمة، وخيّب ظن خصومه، وربما أن رئيس وزراء اليابان ساعده في هذه المهمة، فبين الرجلين تناغم كبير، ومن المعلوم أن تقاليد وبروتوكولات لقاء الإمبراطور معقدة ودقيقة، وأعرف ذلك عن قرب، عندما شاركت ضمن الوفد المرافق لسمو ولي العهد الراحل، الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله- إلى اليابان، وبعد تلك الزيارة الناجحة، التي كانت عبارة عن رسالة موجهة للصين، زار ترمب بريطانيا، وعاد التخوف من جديد، وخصوصاً أن زيارته السابقة ولقاءه مع الملكة اليزابيث كانت كارثية، ارتكب فيها ترمب أخطاء بالجملة، ولكنه خيّب آمال خصومه مرة أخرى، ونجح بامتياز، وبدلاً من أن يجعل إنجازاته تتحدث عن نفسها، أصرّ على الدخول في جدل مع الإعلام المضاد له، وسمح لهم باستفزازه كما يريدون، ما يعني أنه سيستمر في ممارسات المهاترات مع الإعلام، وهذه ستضر به كثيراً خلال المرحلة القادمة.