د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
في إطار تنويع مصادر الدخل وتشجيع القطاع الخاص مرت المملكة بتحول للانعتاق من الدخل الأحادي المعتمد على دخل البترول دون قيمة إضافية أو جعله محركًا اقتصاديًا وفي نفس الوقت اعتماد كافة القطاعات الاقتصادية وحتى القطاع الخاص والمجتمع أيضًا على الدولة، وهو خلل هيكلي غير مستدام.
من أجل هذا التحول كان لزامًا على الدولة التخلص من كل المعوقات التي كانت تحول دون تفعيل دور قطاع السياحة والترفيه في تعزيز الاقتصاد عبر إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، بناء على ذلك اعتمدت رؤية المملكة 2030 قطاع السياحة والترفيه كصناعة باعتباره أحد الروافد الاقتصادية المهمة مستقبلاً. وخصوصا أن الشعب السعودي أنفق على السياحة الخارجية 581 مليار ريال في الفترة 2007 - 2016، والغريب أن أكثر وجهات السعوديين للسياحة الخارجية دول الخليج العربي، فيما تتمتع أجزاء من السعودية بأجواء أفضل من الوجهات الخليجية خصوصا أن كثيرًا من المواطنين السعوديين يبحثون عن أماكن في المملكة ذات درجات حرارة معتدلة خلال الصيف لكن بسبب عدم الاهتمام بهذا القطاع في الفترة الماضية كانت تذهب لدول الخليج ولدول الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا وفي مناطق أخرى من العالم.
ومن تلك المناطق التي تتمتع بوجهات سياحية ومناظر خلابة تبوك وعرعر وحائل وسكاكا والباحة وأبها التي تراوح فيها درجات الحرارة الدنيا بين 21 - 24 درجة، يمكن أن تكون وجهات جاذبة للسياحة والترفيه الداخلي لإعادة توجيه جزء كبير من إنفاق السعوديين في الخارج محليًا وهو ما يمثل جزءًا من مشروع وقف الهدر الاقتصادي الذي يعد أحد أبرز مراحل الفترة الماضية التي كانت سائدة في مرحلة الدولة الريعية.
يمثل قطاع الترفية والسياحة كونه ينتمي للقطاع الأساسي الثالث في الاقتصاد، وهو قطاع الخدمات، إضافة إلى ذلك دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتوليد الوظائف، لذلك اتجه القطاع إلى اكتشاف ما لدى المملكة من مدن ووجهات سياحية تضم العديد من المواقع الساحلية الخلابة والمناطق التراثية والأثرية، ما من شأنه الدفع بالمملكة إلى أن تكون واحدة من نقاط الجذب السياحي والترفيهي بمنطقة الشرق الأوسط وفق أعلى المعايير العالمية، وتيسير إجراءات إصدار التأشيرات للزوار إضافة إلى تهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها.
من تلك المناطق الجاذبة للسياحة والترفيه مدينة عرعر فعاليات (عيدكم شمال) التي تسهم في إشاعة الفرح والسرور التي تصب في جودة الحياة التي هي أحد أهداف الرؤية 2030، وبدأت كل الجهات الحكومية إمارة وأمانة وشعبًا بقيادة أمير المنطقة لتفعيل دور الترفيه الاقتصادي والثقافي.
عززت المملكة من خطواتها نحو اقتحام صناعة السياحة والترفيه بتدشين العديد من المشاريع السياحية والترفيهية في مختلف مناطق السعودية، وأبهرت الرياض المستثمرين بسلسلة من مشاريع التكنولوجيا العملاقة إذا تتنوع المشاريع بين مشاريع تقنية عالية مثل المدينة الحالمة نيوم، وأخرى ثقافية ورياضية ترفيهية كما في القدية، ومشاريع سياحية عالمية استثنائية كما في مشروع البحر الأحمر، إضافة إلى مشروعين عملاقين للنهوض بقطاع الضيافة في المدينتين المقدستين، والرفع بالطاقة الاستيعابية لزائريهما، يضاف إليها مشروع ثالث في البوابة الغربية للمملكة حيث سيقام مشروع جدة داون تاون.
هذا لا يمنع الاهتمام بوجهات سياحية تضم العديد من المناطق الخلابة التي تتميز بمناخات معتدلة، ومناطق خلابة، ما يعني أن تلك المدن تمتلك مميزات نسبية يمكن تحويلها إلى مميزات تنافسية، وتصب في التنمية المتوازنة والريفية التي يمكن أن تتحول إلى مناطق جذب سياحية وترفيهية، خصوصًا لفئات ذوي الدخل المحدود والمتوسط التي تبحث عن مناطق تتناسب مع ظروف العائلة السعودية وتذهب للسياحة في دول الخليج بسبب غياب عوامل الجذب للسياحة المحلية.