فهد بن جليد
في الداخل الإيراني هناك انقسام واضح فمهما حاول السياسيون إدارة البلاد بطريقة عصرية وإخراجها من أزماتها المُتلاحقة لتكون دولة فاعلة وطبيعية في مُحيطها، اصطدمت أفكارهم وتحركاتهم وأحلامهم «بعقلية المُرشد» وقبضة الملالي التي تُسيطر على كل مفاصل الحياة في طهران، فالبلاد تُقاد بفكر «ثوري عسكري» عنجهي، لا مجال معه لأي حياة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية طبيعية، حتى أنَّ من يُعين السفراء ورؤساء الجامعات والهيئات هو «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني الذي مُنح «صلاحيات اقتصادية واجتماعية وسياسية» أوسع، ستُعجل بغرق السفينة الإيرانية مُبكراً خصوصاً مع تزايد الفقر والصعوبات الخانقة التي يواجهها المُجتمع هناك، بسبب سياسات خامنئي المُتخبطة التي زادت من «تأزم» علاقات بلاده مع دول الجوار والعالم بسبب المشروع النووي الذي كلف «مليارات الدولارات» دون جدوى، إضافة لفكر تصدير الثورة الذي يُهيمن على «العقلية الإيرانية»، ويحد من أي «نظرة تنموية مُعطلاً الحياة الطبيعية للشعب الإيراني، وأتوقع أنَّه سيكون أحد أسباب انهيار النظام في لحظة -اللا رجعة- خصوصاً عندما يستيقظ المواطن الإيراني المُغيَّب ليواجه سياسات بلاده الضار به قبل غيره.
إيران في أسوأ حالاتها النفسية والمالية والعسكرية، وضَعفها سياسياً واقتصادياً يزيد مع مرور الأيام، وتزايد الخناق عليها في أزمتها الأخيرة بعد تورطها في تفجير الناقلات في المياه الإمارتية واستمرار دعم الحوثي لتهديد إمدادات الطاقة، فهي كمن أشعل النار وملابسه مبتلة بالنبزين ولم يكتشف ذلك إلا و»عود الثقاب» في يده، فهي تُحاول حفظ «ماء الوجه» أمام شعبها وحلفائها وأتباعها قبل أن تنكشف أكثر بأنَّها «نمر من ورق» فهي غير قادرة على الصمود أكثر في وجه العقوبات والضغوط المُتزايدة، خصوصاً مع عدم قدرة الحلفاء مثل العراق وقطر وتركيا فعل أي شيء لطهران.
كل هذا حدث ولم تُطلق «رصاصة واحدة» في الخليج، فكيف بالمواجهة العسكرية المُباشرة إن وقعت بالفعل، طهران في طريقها للتخلي عن صلفها وتعنتها وسترضخ لمطالب واشنطن في نهاية اللعبة، لأنَّها تُدرك حجم الخسارة التي تتكبدها مع مرور الأيام، فإذا كانت خسائر طهران اليومية من توقف تصدير النفط تتجاوز الـ30 مليون دولار في فترة الإعفاءات الشهيرة «للدول الخمس»، فكيف هو الحال اليوم مع تزايد فرض العقوبات المُتلاحقة وتوقف الدول التام عن الاستيراد وهو ما شلَّ الحياة اليومية في طهران التي تعاني في صمت بسبب «عقلية المُرشد» التي منحته صلاحيات ونفوذ مُطلق جعله يتخبط بسياساته في التدخل في الدول الأخرى بوهم تصدير الثورة، وهذه حالة «غير طبيعية» لن تستمر أكثر من ذلك وستتم مراجعتها لتصحيحها ولو «بثورة مُضادة».
وعلى دروب الخير نلتقي.