د. فوزية بنت محمد أباالخيل
حدَّد بدقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- خلال افتتاحه القمم الثلاث في مكة المكرمة نهاية شهر رمضان الماضي، التحديات والتهديدات والمخاطر التي تواجه العالمين العربي والإسلامي، كما طرح -رعاه الله- الحلول الواضحة والواقعية لتجاوزها. حيث أوضح خادم الحرمين الشريفين في الكلمات الثلاث التي ألقاها أمام هذه القمم، أن إيران تعد منبع المخاطر والتحديات ومصدر القلق والتوتر الإقليمي والدولي، بما تمارسه من سلوكيات إرهابية تتنافي مع مبادئ القانون الدولي ومع مبادئ حُسن الجوار والقيم الإسلامية، عبر تطوير برامجها النووية والصاروخية، ودعم الميليشيات العسكرية التابعة لها في المنطقة والتدخل في شؤون الدول العربية، وأكد على أن إيقاف الممارسات الإيرانية تتطلب توحيد جهود دول المنطقة، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في هذا الصدد،كما أكد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية ولا تفريط في الحقوق الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية والمبادرة العربية.
ورسمت الكلمات الثلاث التي ألقاها -حفظه الله- أمام القمم التي استضافتها مكة المكرمة في وجود هذا التجمع الخليجي والعربي والإسلامي، أطراً واضحة لمستقبل العمل المشترك على مستوى دوائره الثلاث.
فعلى مستوى مجلس التعاون الخليجي، تم التأكيد على أن يستمر المجلس في نهجه لتحقيق أهدافه في الحفاظ على المكتسبات الخليجية والدفاع عن دوله وحدودها وأمنها واستقرارها ورفاهية شعوبها وتنمية مجتمعاتها. حيث أكد خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- على أهمية استمرار العمل الخليجي المشترك الذي استطاع في الماضي تجاوز العديد من التحديات وحافظ على المكتسبات وحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً على أن دول مجلس التعاون ستعمل معًا لمواجهة كافة التحديات والتهديدات بعزم وحزم، وأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولد ليبقى ويستمر. ولخص مصدر الخطر الإيراني على دول مجلس التعاون في كون أن النظام الإيراني يتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ويطور برامجه النووية والصاروخية ويهدد حرية الملاحة الدولية، وأن هذا النظام يدعم الإرهاب عبر أربعة عقود ويعمل على توسيع نفوذه وهيمنته، ورفضه الالتزام بالأعراف والمواثيق الدولية، على أن المملكة العربية السعودية حريصة على أمن واستقرار المنطقة، وتجنيبها ويلات الحروب، وأنها تعمل على تحقيق السلام والاستقرار والازدهار لكافة شعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الإيراني، مشددًا في هذا السياق على أن يد المملكة ممدودة للسلام وسوف تستمر بالعمل في دعم كافة الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ودعا الملك المفدى، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه لجم الممارسات الإيرانية باستخدام كافة الوسائل لوقف النظام الإيراني من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ورعايته الأنشطة الإرهابية في المنطقة والعالم والتوقف عن تهديد حرية الملاحة الدولية.
عربياً أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام. وطرح حلا ناجعا للأوضاع الاقتصادية في المنطقة لخصها في أهمية العمل المشترك من أجل النهوض بالاقتصادات العربية، وقال -حفظه الله- في هذا الصدد علينا جميعًا السعي لجعل العالم العربي مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا مؤثرًا في العالم، بما يعكس مقدرات دولنا وشعوبنا الاقتصادية والثقافية والتاريخية.
ونبَّه -أيده الله- إلى ضرورة توحيد الجهود العربية، وقال في هذا الصدد : أدعوكم إخوتي للوقوف وقفة جادة وحازمة للدفاع عن مكتسبات الأمة، كما نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارسات الإيرانية ورعايتها الأنشطة الإرهابية في المنطقة والعالم.
وعلى المستوى الإسلامي جدد خادم الحرمين الشريفين الرفض القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس الشريف، مؤكداً أن القضية الفلسطينية هي محور اهتمامنا حتى يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على كافة حقوقه المشروعة التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام.
وأكد الملك سلمان بن عبد العزيز على أهمية إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها وإصلاح أجهزتها وأن هذا أصبح ضرورة ملحة لمجابهة التحديات الإقليمية والدولية التي تمر بها الأمة الإسلامية، وهذا ما سوف تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيقه من خلال رئاستها لأعمال هذه الدورة للعمل مع الدول الأعضاء والأمانة العامة للمنظمة للإسراع في تفعيل أدوات المنظمة للإسراع في تفعيل أدوات العمل الإسلامي المشترك تحقيقا لما تتطلع إليه شعوب امتنا الإسلامية.
وفي الختام، أدعو المنظمات الإقليمية الثلاث إلى العمل على ترجمة وتنفيذ ما تضمنته كلمات خادم الحرمين الشريفين حتى تستطيع المنطقة أن تواجه التحديات وتتخطى الأزمات.