د. أحمد الفراج
يبدو الحماس كبيرًا لدى الديمقراطيين هذه الأيام، فهم لم يستطيعوا تقبّل فكرة فوز الرئيس ترمب بالرئاسة في عام 2016، فضلاً عن أن يتقبلوا استمراره كرئيس، أما إعادة انتخابه في 2020، فهي أمر لا يريدون التفكير فيه، ففكرة أنه سيبقى رئيسًا لست سنوات أخرى أمر لا يريدونه أن يكون واقعًا مهمًا كلف الأمر، ومع أن العادة جرت على أن يتقبل الحزب الخاسر نتائج الانتخابات ويتعامل مع الواقع، إلا أن فوز ترمب المفاجئ والصاعق كان مختلفًا، وللأمانة فإن هذا كان متوقعًا، فلم يكن أحد على الإطلاق يتوقع فوزه، وكان معظم المعلقين يؤكدون على أنه خاض الانتخابات لأسباب تجارية بحتة، أي ليسوّق لشركاته مجانًا، ولم يكن هو ذاته يعتقد أنه سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري، فضلاً عن الرئاسة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك.
العجيب أن صدمة الديمقراطيين من فوز ترمب، رغم أن كل مواصفات الرؤساء الأمريكيين متوافرة فيه، فهو أمريكي أبيض من أصول أوروبية ويعتنق المسيحية البروتستانية، كانت أكبر بكثير من صدمة الجمهوريين، عندما فاز الرئيس أوباما في عام 2008، رغم أن فوز سياسي من أصول إفريقية بالرئاسة كان خارج حسابات الجميع، وكان حدثًا تاريخيًا نادرًا يصعب تكراره، ومرت رئاسة أوباما بسلام، عدا عن مناكفات إعلام اليمين، وبالذات قناة فوكس نيوز، وكذلك شطحات المحافظين المتطرفين، ولا يمكن أن يمحى من الذاكرة مشهد المرشح الجمهوري المهزوم من أوباما، جون مكين، وهو يجاهد لإسكات مناصريه، حتى يتسنى له الاعتراف بالهزيمة والمباركة لأوباما، حسب التقاليد التاريخية المتبعة في السياسة الأمريكية، فقد كان أنصاره يصرخون، ويطلبون منه عدم فعل ذلك!، وقد تمكن أخيراً من إنجاز المهمة بصعوبة، ومع كل ذلك، فإن موقف الديمقراطيين اليوم يفوق موقف الجمهوريين حينها بمراحل، وبالتالي فإنهم في مأزق، حيث لا يملكون مرشحاً يستطيع هزيمة ترمب، حسب كل المعطيات، ولذا علينا أن نتوقع حرباً شرسة، لم تشهد لها الانتخابات الرئاسية مثيلاً، خلال الفترة المقبلة، وستكون متابعتها والتعليق عليها أمر في غاية الإثارة.