سمر المقرن
لا أدري لماذا يستعجل بعضهم في تقديم التهنئة قبل موعد المناسبة؟ وكأنه في سباق سريع مع أحد، أو أن الوقت سوف يدركه، أو أن التهاني سوف تنتهي أو تفوته، مع أن جماليات التهنئة في وقتها، وبالتزامن مع مناسبتها، فكيف سوف أستسيغ معنى تهنئة تصلني بمناسبة العيد وأنا ما زلت أعيش الأجواء الرمضانية، وما زال الشهر الفضيل لم ينقضِ؟ وما معنى التهنئة إن لم تكن في وقتها ومناسبتها؟ ميزة التهنئة أن تصل والإنسان يعيش إحساسها ومشاعرها.
هناك أمور تنقصنا كثيرًا في صياغة جماليات التهاني وإدراك معانيها، والتعامل معها -أحيانًا- وكأنها «عبء» أو «هم»، يجب أن ينتهي. وما أكثر ما أسمع من تضجر وتململ بعضهم من زحمة التهاني التي تصلهم. ولو أدرك المتضجرون معنى المحبة التي تحمل في طياتها رسائل التهاني، وإن كانت تقليدية أو منسوخة أو معممة لا يهم؛ فهناك فئة ظهرت مؤخرًا ترفض الرسائل المعممة. فبالعقل والمنطق، هل يمكن أن يخصص شخص سوف يبعث لما يقل عن مئة شخص رسائل تهاني، وأن يكتب لكل واحد منهم رسالة خاصة به؟! وهل بالعقل والمنطق أن أطلب من كل الناس أن يمتلكوا لغة تعبيرية قادرة على صياغة رسالة غير منسوخة؟! العيد جميل جدًّا، ومعانيه في تقارب القلوب أجمل، والإنسان يجب أن يكون هينًا لينًا في قبول التهنئة، وضرورة الرد عليها؛ فليس هناك ما يعفيك أبدًا من الرد على رسالة التهنئة، حتى وإن كنت شخصًا مشغولاً وغير متفرغ، فبإمكانك تكليف أي شخص بالرد على الناس الذين بعثوا لك رسائل تهنئة؛ فمن المعيب أن تتعالى على الرد حتى وإن كنت مشهورًا أو إعلاميًّا، ترى نفسك كبيرًا، وتهاني الناس أقل من أن تجيب عليها! فالمشهور سيأتي يوم ويزول بريقه، ولن يتبقى له سوى الذكر الحسن، والكبير لن يظل على حجمه نفسه؛ لأن الكرسي لا يدوم لأحد، ولن يتبقى له سوى محبة الناس.
وقد يجد الإنسان نفسه في زحام شديد وسط التهاني والتبريكات؛ فبإمكانه كتابة تهنئة للجميع، أو تسجيل فيديو للجميع.. وهنا يسقط عنه حرج الرد الفردي، أو الشعور بأن هناك مَن يعتب عليه لتجاهله.
العيد مناسبة عظيمة لتنقية المشاعر، وتجديد أواصر المحبة، ولا نعلم إن أرسلنا واستقبلنا تهاني هذا العام فهل سنرسل ونستقبل العام المقبل؟ لعل الناس تفتقدك في هذه المناسبة إن لم تكن معهم، وتتذكر أخلاقك وأدبك ورسائلك.. وكل عام وهذا الوطن وقيادته وشعبه بخير ومحبة.. وعيد سعيد.