سلمان بن محمد العُمري
أكتب هذا المقال ولا أعلم حجم المبالغ التي تم سدادها عن طريق البرنامج الخيري التعاوني الناجح "فرجت"، والذي أطلق عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية "أبشر"، وهو فكرة ومبادرة إيجابية تستحق الشكر والتقدير لمن فكّر بها، ولمن عمل عليها، ومن أسهم في الدعم والبذل من خلالها عبر آلية تقنيّة ميسّرة ومرنة، وتتيح لكل أفراد المجتمع المشاركة والمساهمة في تفريج كربة المساجين الذين دخلوا السجون لقضايا مالية.
هذا البرنامج حقّق قبولاً سريعاً وتجاوباً معهوداً من أبناء الشعب السعودي كافة، مؤكدين ما يحمله كل مسلم، وكل أبناء هذا البلد من حب للخير، وتكافل اجتماعي وتضامن وأنهم كالجسد الواحد، كما ذكرت فإنّي لا أعرف الأرقام التي وصلت إليها عمليات التبرع، ولا عدد الذين أفرج عنهم، ولكني رأيت وسمعت عبر مواقع التواصل، وفي المجالس العامة والخاصة، كمية التفاعل مع هذا المشروع.
هذا المشروع يضاف إلى سلسلة مشاريع اجتماعية وخيرية سابقة في سبيل رعاية المساجين وأسرهم، وبرامج تراحم وغيرها من البرامج، ولكن ما يميّز هذا المشروع أن الجميع يستطيعون المساهمة فيه ولو بمبلغ يسير، ويشارك فيه الصغير والكبير، والغني والفقير- كل حسب استطاعته، ولا يقف عند حدود الزمان والمكان مع سهولة التبرّع الخاص أو العام.
وفي الوقت الذي نشيد ونؤكد فيه تفاعل المجتمع السعودي مع أعمال الخير لا يفوتنا الإشادة بالخدمات الإلكترونية المتطورة، خاصة في وزارة الداخلية وهذا المشروع هو واسطة العقد للمشاريع الإلكترونية عبر نظام "أبشر" الإلكتروني وهو بادرة محفزة لقطاعات أخرى للتبرع الإلكتروني النظامي لمشاريع خيرية أخرى بأمن وأمان، وسهولة واطمئنان إنّ المبالغ ستذهب لمستحقيها.
كم من بيتٍ وأسرة سعدت بخروج والدها ومعيلها من السجن، وفرحت به قبل العيد ومن سيخرج لاحقاً -بإذن الله-، وكم هي فرحتهم وهم يرون معيلهم وربّ أسرتهم بينهم وقد يسّر الله أمره، وفرّج كربته، وقضى دينه.
إنّ أي مشروع في بدايته لن يكون له الكمال، وأجزم أنّ القائمين على البرنامج تلقّوا العديد من الملحوظات الفنية والتقنية والموضوعية الأخرى، ولن تذهب ملحوظاتهم سدًى بل ستكون محل العناية والدراسة والاهتمام، ويشاركهم في ذلك مع من وقفوا مع المشروع ودعموه منذ ساعات التنفيذ الأولى وحتى الآن فالكل يريد المساهمة في مساعدة الموقوفين وأسرهم من خلال سداد ديون بعض الموقوفين المتعثرين العاجزين عن توفير معاشهم، فضلاً عن سداد التزاماتهم.
إن خدمة "فرجت" وهي الخدمة التي وفرتها وزارة الداخلية لتمكين المواطنين والمقيمين من المساهمة في مساعدة سجناء الحقوق المالية على سداد ديونهم من خلال التبرع المالي لهم عبر منصّة "أبشر" حقّقت -ولله الحمد- نجاحاً ملحوظاً، وبيّنت وأكّدت معدن مجتمعنا السعودي النبيل المحب للخير، ولا أدل على ذلك من الضغوطات الكبيرة على الموقع والتنافس الشريف في سداد الديون؛ فقد تلمّسوا معاناة الموقوفين الذين أمضوا مدّة طويلة في السجن ولم يستطيعوا السداد لدائنيهم، وأهل الخير يحتاجون الموثوقية للمساعدة وقد حقّق لهم البرنامج الشيء الكثير كما حقّق للمحتاجين.
إنّ هذا العمل وإن كانت تقوم عليه وزارة الداخلية فهو عمل تكاملي بينها وبين وزارة العدل، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ومؤسسة النقد، وتبنّتها وزارة الداخلية بتوجيه مباشر من سمو وزير الداخلية، وقد وفّرت هذه الخدمة أمراً في غاية الأهمية والضرورة، وفتحت آفاقاً جديدة في مفاهيم العمل الخيري وآلياته، وربّما تكون سنّة مباركة لمشاريع خيريّة مماثلة.
إن رؤية 2030 وقد أتاحت للوزارات والمصالح الحكومية والقطاع غير الربحي ومؤسسات المجتمع المدني الانطلاق والعمل بمبادرات تهدف إلى الارتقاء بالعمل والجودة والنوعية، وتوفير الوقت والجهد، وتقليل التكاليف، والاستفادة من التطور التقني والمعرفي، فشكراً لوزارة الداخلية وفريق العمل، وننتظر المبادرات الأخرى من الجهات الحكومية.