أ.د.عثمان بن صالح العامر
كتبت في أحد أعياد الفطر المبارك القديمة ومن خلال هذه الزاوية مقالاً عنونته (عيدنا غير) تحدثت فيه عن عيد حائل الذي ما زال أهلها محافظين على أبرز سماته القديمة والتي من بينها إخراج الأعياد صباح اليوم الأول بعد أداء الصلاة في الشوارع والممرات داخل الأحياء السكنية وفِي الطرقات العامة والاستراحات المفتوحة، والتنافس الذي يجري بين الجيران في فن الطبخ وجودة الأكل، ومشاركة الكل من كبار وصغار وعمال ومارة في هذه المائدة الصباحية التي لا مثيل لها في جميع أيام العام، والتزاور بين الأقارب والجيران، ومعايدة الأعيان والأهالي، وزيارة المرضى والمقعدين.
ومن ردود الفعل على هذا المقال التي لا أنساها وافتخر بها، أنني اتصلت على معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم - رحمه الله - مباركاً له هذه المناسبة وإذ به يفاجئني بتعليق جميل على هذا المقال، ينم عن محبة وتقدير، ومتابعة ورصد لما يكتب وينشر حتى في يوم العيد، بدأ تعليقه الأبوي بقوله: (ليش بس أنتم يا هل حايل عيدكم غير، حنا عندنا مثل اللي عندكم وأفضل، وإلا طبخكم يختلف عنا، ثم راح يتحدث بإسهاب عمّا يحدث في يوم عيده حتى المساء - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- فوالله ما زلت أذكره بخير، وأتذكر كتاباته الإبداعية، ومواقفه التربوية، واحتفاءه وتقديره، وكلماته التحفيزية وتشجيعه، وإرشاداته الإدارية، التي غرسها في جميع من عملوا تحت إدارته يوماً ما، وكان لي الشرف أن أكون منهم.
وفِي المقابل وعلى نفس المقال كان تعليق ابن حائل البار معالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد الذي اتصلت عليه في مساء ذلك اليوم وإذ به كذلك يعلّّق بإعجاب على المقال قائلاً (الله.. لقد أثرت الشجن، تذكرت أعياد الطفولة، كم أتمنى أن أعيش هذه اللحظات)، لقد نسفت هذه الكلمات كل التصورات التي كانت تعشعش في عقلي من أن البعد الزماني والمكاني قد ألغى من ذهنية أبي فهد جميع صفحات الماضي الحائلي وسلوكيات المجتمع المحلي البسيط ومنها عادات العيد.
إن مثل هذه العادات والسلوكيات المجتمعية حقها الإشادة بها والافتخار فيها وتوارثها من جيل لآخر فهي عنوان للتماسك الاجتماعي والكرم الجبلي غير المتصنع والتجاور الحسن الذي كادت أن تنفرط عراه في ظل حياة عصرية تنزع للفردية وتميل للذاتية، عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وإلى لقاء والسلام.