د. زايد الحارثي
تحمل وثيقة مكة المكرمة التي صدرت في مكة المكرمة ما بين الثاني والعشرين والرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام أربعمائة وألف وأربعين معاني ومداولات ومنهج حياة للمسلمين بل والإنسانية، يستحق في كل بند من بنوده التسعة والعشرين أن يتدارس للتطبيق والتنفيذ في مجال أو مجالات الحياة المختلفة. ولو تساءل القارئ (أي قارئ) للوثيقة عن مدة وإمكانية تطبيق بنود هذه الاتفاقية على دولة أو عدة دول إسلامية على اختلاف ثقافتها وأنظمتها الخاصة بها. لوجدنا أن الوثيقة قام عليها وصاغ بنودها وعباراتها هم صفوة من علماء الأمة الإسلامية على اختلاف دولهم ومذاهبهم الفكرية ومع ذلك فقد جاءت بأفكار ومبادئ تبسط الاستخدام الأمثل والمناسب لحياة كريمة. انظر ماذا نصت عليه المادة: 20- (تحصين المجتمعات المسلمة مسؤولية مؤسسات التربية والتعليم بمناهجها ومعلميها وأدواتها ذات الصلة وعموم منصات التأثير وخصوصا منابر الجمعة ومؤسسات المجتمع المدني مستوعبة توعية عاطفتهم الدينية والأخذ بأيديهم نحو مفاهيم الوسطية والاعتدال والحذر من الانجرار السلبي إلى تصعيد نظريات المؤامرة والصدام الديني أو زرع الإحباط في الأمة أو ما كان سوء ظن بالآخرين مجردًا أو مبالغًا فيه، وكذلك الحال في البند السادس والعشرين والبند السابع والعشرين والبند الثامن والعشرين والتي تحدد وتركز على الاهتمام التربوي بالطفل والشاب في كافة مناحي الحياة حتى يتم تحصينهم وأيضًا يخدم تنمية وتطور مجتمعاتهم. وهكذا يمكن الاستنتاج بأن وثيقة مكة المباركة جاءت في أحد بنودها المهمة بما يمكن ترجمته إلى تصحيح لمسار التعامل الحضاري داخل وخارج كل الشعوب الإسلامية وأيضًا الشعوب العالمية الأخرى. وأخيرًا أرى أن نستفيد من هذه الوثيقة لشعوبنا ودولنا الإسلامية في تبني بنودها ووضع البرامج والمناهج العملية والتنفيذية لكل مبدأ أو بند من بنودها وبخاصة برنامج التربية والتعليم وما يمكن وضع البرنامج التنفيذي له وفي نظري أن ذلك مع تطبيق البرامج الأخرى سوف تعيد الصور الحقيقية لشعوبنا الإسلامية وتنفيذ مبادئ الإسلام السمحة على المستوى العالمي وتحرير كل من تلوث فكره ومعتقده عن الإسلام أو الديانات الأخرى ومارس سلوكًا متطرفًا أو إرهابًا ضد الديانات أو أصحاب الديانات المختلفة. فهنيئا للمملكة العربية السعودية بلد الحرمين الشريفين محتضنة هذه الوثيقة ومحتضنة كل فكر أو معتقد وسطي صافٍ من نبع اإسلام. ودعاء ومباركة خاصة لمعالي الدكتور محمد العيسى أمين الرابطة وكل العاملين معه على الإعداد والتنظيم والترتيب لهذا المؤتمر النوعي المهم والمميز وبالله التوفيق.