حمد بن عبدالله القاضي
أنزعج كثيراً من كثرة النقد لشباب وشابات الوطن وجلدهم بالكلمات ونعتهم بصفات لا تنطبق إلاَّ على القليل منهم والحكمة تقول «التعميم لغة الحمقى».
هؤلاء الشباب والشابات نرى فيهم ومنهم الخير الكثير عطاءً مشهودًا وأخلاقاً رفيعة من تعاون ورحمة وبر، ولا عبرة للشاذ منهم.
* * *
أمامي أنموذج لشابة بارّة لم تتجاوزالعشرين عاماً، تبرعت بجزء من كبدها لوالدها، وكان والدها لا يرغب بذلك رحمة بها وخوفًا عليها من أخذ جزء من جسدها، فضلاً عن الإشفاق عليها من العملية الصعبة التي تطلبها أخذ هذا الجزء منها وقد كانت الوحيدة من بين أبنائه وبناته التي كانت كبدها مناسبة ومطابقة، وقد فحصت بنفسها ولم تشعر أباها خشية رفضه لصغرها، وبعدها أخبرته وحاول ثنيها ولكنها أصرَّت إصرارًا عجيبًا.
هذه الشابة هي سلمى بنت م/ علي النعيم الذي عانى والدها من كبده وقرر الأطباء عدم صلاحيتها ولا بد من زراعة كبد له.
* * *
وبحمد الله تم ذلك على خير وأجريت العمليتان له ولابنته ولم تلبث ابنته سلمى بعد العملية طويلاً وخرجت من المستشفى وهي ووالدها يتمتعان الآن ولله الحمد بصحة وعافية.
للعلم هذه الفتاة الصغيرة البارَّة جدَّها رجل الخير معالي الشيخ عبدالله العلي النعيم.
* * *
أروي هذه القصة لأؤكِّد -أولاً- أن الخير لا يزال وسيبقى إن شاء الله بشبابنا وشاباتنا بِرَّا وصلاحًا وأعمالاً مباركة، ثم لأقدِّم من خلالها رسالة لكل الأبناء والبنات للبر بوالديهم، فهم -بعد الله- سبب وجودهم بالحياة وهم الذين تعبوا وسهروا فكان لا يزور النوم أجفانهم عند أدنى أمر يصيبهم.
من هنا فإن البرَّ بهم بل التضحية من أجلهم واجب فرضه ديننا وحفَّزت عليه أخلاقنا، وردّ لبعض الجميل لهم.
حفظ الله الجميع، أبناء وبناته وأمهات وآباء وألبسهم ثياب العافية.