ناصر بن فريوان الشراري
عُرفت إيران بسياستها طويلة النفس في تحقيق أهدافها وعندما تُحس بأنها سوف تتعرض لأي خطر داهم تعمد حينذاك إلى سيناريو المناورات السياسية المطولة لإضاعة الوقت على مصدر ذلك الخطر، كما يفعلون الآن في مناوراتهم تجاه الضغط الأمريكي المتزايد، وها هو اليوم يُطل علينا السيد ظريف وزير الخارجية الإيراني عبر نافذة العراق ليعلن عن أن طهران لديها رغبة في بناء علاقات متوازنة مع جميع دول الخليج، مضيفاً أن بلاده تريد تأسيس علاقات متوازنة مع دول الجوار العربية في الخليج مقترحاً إبرام اتفاقية عدم اعتداء عليها، وفي المقابل لا يجب أن نُغفل استبسال وزير الخارجية العراقي للدفاع عن الحضن الإيراني ما دفعه إلى أن يُعلن عن وقوف العراق مع إيران في حربها مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من رفض رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر إلى عدم زج العراق بهذه الحرب غير المتكافئة، وذلك لإحساسه بالخطر الذي سوف يتهددهم فيما لو دفعوا بالسياسة العراقية إلى أن تقف مع الجانب الإيراني ضد أمريكا. ومن خلال ذلك العرض القادم من خامنئي عن إبرام اتفاقية عدم اعتداء بين إيران ودول الخليج الذي جاء نتيجة رعب الخامنئي وملالي إيران من المصير الذي يتخطفهم في قابل الأيام إن نشبت حرب مع أمريكا، فهل من الحكمة أن تُذعن لسماع فحيح الأفعى الودود وتأمن لدغتها؟ فالمؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين، هذا إذا ما علمنا أن إيران لا تجرؤ على الحرب وجهاً لوجه وإنما عبر وكلائها ومطاياها بالدول العربية (الحوثي، حزب الله، الحشد الشعبي)، فقد سبق لها وأن حاربت العراق إبان حكم صدام حسين وخسرت المعركة وشرب الخميني كأس مرارة الهزيمة على الرغم من أن بالعراق هناك من يوالون الخميني والذين هم الآن يتبعون لإيران بشكل علني ولهم إخلاص وولاء لإيران أكثر من الولاء للعراق وقد أحزنني كثيراً حال العراق مع من هم في فكر ذلك المعمم الأبله المسمى بالبطاط الذي عندما التقته إحدى القنوات العراقية وسألته (فيما لو حصلت حرب ما بين العراق وإيران مع من ستقف؟ فقال سأقف طبعاً مع إيران)..! وكثير من هؤلاء المطايا البطاطين نجدهم في عدد من بلداننا العربية شوكة في خاصرة الأمة وسرطاناً يستشري يغذيه ذلك الغول الإيراني.
اليوم أصبح ملالي قم يتحسسون رقابهم ويعلمون أنهم إن قبلوا بالشروط الأمريكية سوف يسقطون، وإن رفضوا سوف يواجهون حرباً غير متكافئة سهلة جداً على خصمهم لأنهم سيواجهون الشعب الإيراني المضطهد منذ زمن بعيد الذي ذاق مرارة الفقر والعوز والجوع نتيجة تجويع هؤلاء الملالي له بإهدار ثروات وأموال بلادهم على فوهات المدافع والبنادق في أماكن بعيدة عنه في حرب ليس له منها لا ناقة ولا جمل، شعب هو أحق بأموال بلاده كي يُصبح في رغد من العيش مثل جيرانه بدول الخليج العربية، يعلمون ملالي إيران أن أحد هذين الخيارين أحلاهما مُر ويشعرون أن البيت الأبيض جاد هذه المرة عندما أرسل 1500 جندي إضافي والمؤشرات تفيد بإرسال المزيد من الجنود الأمريكان لإجبار إيران إلى أن تعود كدولة وتترك عنها فكرة أن تكون عبارة عن ثورة تؤجج الصراعات بالمنطقة هنا وهناك وتُشعل فتيل نيرانها ليحترق بها الجميع. ملالي قم يُفعِّلون في هذه الأزمة منهج التقية للتودد لمن أزبدوا وأرغوا تجاههم ولمن هاجموهم عبر مليشياتهم، وذلك بسبب الحبل الذي لُفَّ على رقابهم من قبل أمريكا، فالظريف ظريف يقول نريد أن نعقد معاهدة عدم تعدي وهو ما زال يدفع بمليشيا الحوثي بأن يرسل صواريخ إيران وطائراتها المسيرة لقصف المدن السعودية بل إن حتى قبلة الإسلام والمسلمين لم تسلم من توجيه صواريخهم تجاهها، فهل تنطلي حيِّل بني صفيون على دول الخليج؟ بالتأكيد لا لأن هنالك في بلادنا ولله الحمد من يعلم أن هذا النظام الإيراني قام على أيديولوجيا تصدير ثورته للعالم العربي وهم يستهدفون قبلة الإسلام والمسلمين تهيئة لخرافتهم (خروج المهدي المنتظر)، وهم يحاولون في هذه الفترة جاهدين للخروج من هذه المرحلة الخطيرة بأي ثمن عن طريق التودد والتقرب، وعندما تهدأ الساحة وتعود الأمور كما كانت وبعد أن يلتقطوا أنفاسهم سوف يعودون لسابق عهدهم وسيرتهم الأولى يُعربدون ويزبدون ولن تصبح منطقة الخليج والشرق الأوسط بمأمن وهدوء إلا إذا رحل هذا النظام العنتري الفاشي المجرم الفاسق الغادر، فالتاريخ علمنا أن لا أمان له ولا عهد ولا مواثيق فهو يضحك في وجوه العرب ويغدر بهم في الخفاء..!