محمد آل الشيخ
كثيراً ما توصف النظم السياسية في الغرب بأنها دولة مؤسسات، أي أن القرار لا يتخذه أشخاص، وإنما من خلال مؤسسات، بالشكل الذي يجعل مزاج الفرد وأثره في صناعة القرار محدوداً، إلى درجة يكاد فيها أن يكون منعدماً. السيد بين رودس-«Ben Rhodes» مستشار الرئيس الأمريكي السابق والآفل أوباما وهو كان من أقرب المستشارين له، كشف نقطة في غاية الأهمية عن موقف الرئيس أوباما تجاه (الجنس) العربي في كتابه الجديد (العالم كما هو The World As It Is -) يقول فيه: (أوباما يكره العرب بشكل غريب ويعشق إيران حد العمى). وقد انعكس هذا الحب والكراهية، والذي هو موقف عاطفي، وكذلك عنصري، على قرارات الرئيس أوباما، التي كاد أن يكون لها نتائج كارثية على المنطقة، وكذلك على مصالح أمريكا الحيوية فيها. وهذه شهادة رجل عمل مع أوباما في البيت الأبيض، بالشكل الذي يجعل شهادته عن هذا الرجل لا يمكن تجاهلها. وهذا ما يجعل فكرة أن الانظمة التي تحكم الدول الغربية تحكمها وتوجهها (المؤسسة) -كما يقولون- ليست صحيحة، خاصة إذا ما أخذنا هذا القول على إطلاقه. فمزاج الرئيس، وعواطفه، وحبه وكرهه، ينعكس على القرار السياسي انعكاساً قد يكون له تبعات خطيرة.
الاتفاقية النووية التي أبرمها الرئيس أوباما ومعه الخمس دول العظمى مع إيران، لم يشترك فيها العرب، ولا الدول المجاورة لإيران، في حين أنها كانت تمس مصالحهم، أكثر من مساسها بأمن واستقرار الدول العظمى التي فاوضت إيران، ووقعت معها هذه الاتفاقية المجحفة، وكان من المفروض أن يشارك العرب، والدول المجاورة في هذه الاتفاقية، لا أن (يُحيدوا) عنها، وكأن الدول (5+1) هي الوصية على مصالحهم، وكان للرئيس أوباما دور محوري في هذا التهميش، ليظهر بعد هذه الشهادة أن (غرام) أوباما بالفرس هو الدافع الأول لهذه الاتفاقية التي ألغاها الرئيس دونالد ترامب، منقذا المنطقة، ومصالح أمريكا الحيوية من تبعات هذه الاتفاقية. ومن يرصد الفترة القصيرة التي أعقبت هذه الاتفاقية وكانت في عهد الرئيس أوباما، تنمرت فيها إيران، وتطرفت في توسعاتها، كما لم تتنمر وتتوسع من قبل. ولك أن تتصور لو أن الرئيس ترامب لم ينسحب منها، ويوقف تنمرها، كيف سيكون الوضع؟
وفي تقديري أن قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاقية، بالشكل الذي أبطل كل تبعاتها، كان قراراً صائباً ليس بالنسبة لنا في الخليج فحسب، وإنما للسلام والأمن الدوليين؛ فقد جنب العالم تبعات كارثية ستترتب على هذه الاتفاقية المجنونة، ويخرج المارد الإيراني المتأسلم من قمقمه، بالشكل والمضمون الذي سيجعل حكومة الملالي الدينية تسيطر سيطرة شبه كاملة على أهم منطقة تتحكم في الاقتصاد العالمي، حكومة يقف على رأسها رجل دين، يهمه أن ينفذ مقولات مذهبه، قبل أن يهتم بمصالح ونمو شعبه، فرجال الدين في كل الفترات التي تحكموا فيها بالسلطة الدنيوية كانوا لا يهتمون بالإنسان قدر اهتمامهم بنشر المذهب على حساب الإنسان.
ويبقى السؤال هنا: لماذا يكره أوباما العرب ويعشق أعداءهم الفرس بجنون؟.. ليس لدي أدنى شك أن المستقبل والتمحيص في سيرة أوباما الشخصية، وتكوينه الفكري سيتكفل بالإجابة عن هذا السؤال.
إلى اللقاء