سهوب بغدادي
إنه موضوع غير اعتيادي، بل خارج عن نطاق العقل والمنطق، فكيف بأم أن تكره لب قلبها؟ فهي من أنجبت وسهرت وفضلت مخلوقًا لا حول له ولا قوة على نفسها، تفديه بروحها وتغمره حبًا بكل ما فيها، فهل يعقل أن يتحول سالف حبها إلى كره؟ أطرح لكم في مقالي هذا عددًا من الأسباب التي قد تؤثر في مشاعر الأم بأبنائها.
- التضحية السلبية وتهميش الذات: فيما تظن عديد من الأمهات بأن من واجبهن الصبر والتضحية وتقديم أطفالها ومنزلها على نفسها وعلى احتياجاتها كإنسان أولاً وكفرد ينتمي إلى للمجتمع له خلفيته وقيمته التي رسمها خارج حدود المنزل فتعيش عديد من النساء أعوامًا مديدة والتضحية السلبية طاغية على ذاتها لتصل إلى مرحلة سالبة تلقي فيها اللوم على الجميع فكثيرًا ما نسمع جملة «أنا ضحيت عشانك» فالتضحية جميلة ومطلوبة في مواطن معينة ولكن من الذي طلب من هذه الأم أن تضحي بكل شيء؟
- الصحة النفسية: قد تمر المرأة باكتئاب ما بعد الولادة أو الاكتئاب المزمن وغيره من الأمراض النفسية التي تجعل الشخص يتصرف بطريقة منافية لطبيعته.
- توجيه خاطئ للمشاعر: قد تعاني الأسرة من مشكلات أو تراكمات كبيرة كالطلاق العاطفي أو الفعلي الذي يؤدي إلى كره الأم والد أطفالها وبالتالي تتصرف بطريقة غير لطيفة معهم نتيجة الضغط عليها كطريقة للتنفيس عن غضبها displacement وهذه تعد طريقة للتنفيس عن الغضب على الحلقة الأضعف لعدم مقدرة الشخص على تفريغ غضبه على الشخص الأساس في المشكلة.
قد لا تكون هذه الأسباب التي تجعل الأم تكره أطفالها ولكنني متأكدة بأن هذه مشكلة حقيقية وليست من محض الخيال فأترككم مع هذه القصة التي لم أجد لها تفسيرًا سوى الكره.
هي فتاة جميلة كالجوهرة المكنونة، حيث كنت أحضر حفلاً في مدرسة ابنتي اعتلت هذه الفتاة المسرح لتغني أغنية بكل حرقة وقد لمحت آثار كدمات زرقاء اللون وضماد أسفل ركبتها تسربت منه بضع قطرات من الدم على الرغم من ذلك وقفت لتشدو أعذب بالكلمات، فتاقت نفسي إلى الحديث معها عن موهبتها، فقلت لها: لا بد أن والدتك فخورة بك جداً، فقالت: كلا لقد طلبت أن تحضر فقرتي في الحفل وبينت لها أهمية هذا اليوم بالنسبة لي وأن حضورها سيعني لي كل شيء. فاعترضت كلامها وقلت: قد تكون أمك مشغولة أو مرهقة من العمل فقالت: لا هي تعمل في الدوام المسائي وفي مثل هذا الوقت تشاهد التلفاز في المنزل، هي ببساطة لا تهتم لأمري في كثير من الأحيان أشعر بأنني لقيطة وإنني لست من لحمها ودمها لذلك لا تحبني، فقلت لها: لا تقولي هذا الكلام فلا توجد أم لا تحب أطفالها، فتنهدت قائلة: أنت لا تعلمين شيئًا وأخاف أن أتحدث عن الأمر وأتسبب في مشكلة كبيرة لأهلي، فقلت لها: لا تستسلمي لليأس والحزن، فقد تصابين بالاكتئاب وذلك أمر خطير، فقالت: نعم أنا مصابة بالاكتئاب حقًان فقلت لها: الاكتئاب كلمة أكبر من الحزن الذي يعترض الإنسان بسبب أمر ما -كنت أظن بأنها تمر بفترة تخبط المراهقة- إلى أن كشفت عن ذراعها الأيمن وكان مليئة بآثار الجروح ثم كشفت عن ذراعها الأيسر وكان مشابهاً للأولى فقلت لها: (من جدك يا فلانة)؟ فقالت نعم، والدتي تتفنن في ضربي وتعذيبي نفسياً وجسدياً، فقلت: هل لديك أي شخص تثقين به لتخبريه بذلك؟ فقالت: ليس لدي أحد ولن يصدقني أحد فهي طبيبة ومثقفة ومشهورة، فسألتها ما إذا كان إخوتها يتعرضون للضرب أيضاً فقالت: نعم ولكن ضرب غير مبرح ولكن النصيب الأكبر لي أذكر أنها ضربت أخي الصغير يومًا ما فأسرعت إليه لأحميه منها فانهالت علي بالضرب إلى أن وجدت نفسي ملقاة على الأرض وقد فقدت الوعي أرجوك خالة لا أريد الذهاب إلى دور الرعاية فأنا أعيش حياة مرفهة وأحب إخوتي ولكن لا أعلم لماذا تعاملني أمي بهذه القسوة.