د. أحمد الفراج
حالة من الإحباط تخيّم على معلّقي القنوات التلفزيونية المضادّة لترمب، ويؤسفني بشكل خاص أن تصل قناة عالمية بحجم سي ان ان إلى هذا الحد من الانحياز، فلم تكن يوماً كذلك، وعندما أتابع واحداً من أفضل المذيعين وأذكاهم مثل اندرسون كوبر، فإنني لا أصدق ما أشاهد، ومثله زميلاه، كريس كومو ودان ليمون، وهذان يبالغان في تشخيص الواقع، ويحاولان جرّ الضيوف إلى ساحتهما، أي ضد كل ما يتعلّق بترمب، أما إذا كان الضيف جرئياً، وحاول أن يتحدث بحياد، فإنه يتعرض لما يشبه الابتزاز، عن طريق التخطئة والمقاطعة، فعندما استضاف كومو إحدى السيدات، وهي جمهورية محافظة من أنصار ترمب، دخل معها في جدل، عندما قالت إنها وطنية أكثر من المحقق روبرت مولر!، فبالنسبة له، لا يمكن أن تكون وطنياً ومؤيداً لترمب في ذات الوقت!
أما المذيعة كريستينا امانبور، الأمريكية من أصل إيراني، والتي تحمل تاريخياً طويلاً من التميز والتألق، سواءً كمراسلة أو كمذيعة ومحاورة من طراز فاخر، فقد فقدت توازنها، منذ أن انسحب ترمب من الاتفاق النووي، وعلى غير العادة، يستطيع المتابع قراءة مشاعرها، عندما تناقش هذا الأمر مع ضيوفها، فهي تريد أن تصل إلى خلاصة نهائية بأن قرار ترمب خاطئ، وأن أوباما صنع المعجزة بإبرام الاتفاق، أما عن تدمير هيبة أمريكا على يد جون كيري وأوباما بخضوعهما للملالي، أو حقيقة أن إيران أسَرَت جنوداً أمريكيين وأذلّتهم، فهذا لا يعنيها من قريب أو بعيد، والويل لمن يحاول أن يقرّ بأن إيران تمثّل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، فقد يتعرّض لهجوم مضاد من كريستينا أو أحد رفاقها، فالسلام والأمن الذي جلبه أوباما للشرق الأوسط هو غاية ما يريده مذيعو هذه القناة العالمية.
رصدت الكاميرا ذات يوم صورة لأوباما، وهو يحمل في يده كتاباً للأمريكي من أصل هندي، فريد زكريا، الذي يعتبر أحد أهم من يؤمن أوباما بأفكارهم، فزكريا هو صاحب النظرية التي دهورت أوباما، والتي تقول إن الإرهاب سببه غياب الديمقراطية، ما جعل أوباما يتحمّس في دعمه للثورات العربية وتمكين الإخوان، دون أن يعي هو وزكريا أن التنظيم الدولي للإخوان هو أصل الإرهاب وفصله، وهو الأم الرؤوم للقاعدة وداعش، وزكريا له برنامج شهير على سي ان ان، والبرنامج لا شك رائع وثري، ولكن لا يستطيع زكريا أن يحيد عن موقف القناة وموقفه الشخصي من ترمب، فيفشل في أن يكون محايداً، خصوصاً في مسألة الانسحاب من الاتفاق النووي، فزكريا مغرم بإيران، مثله مثل أوباما وامانبور، والخلاصة هي أن فوز ترمب بالرئاسة زلزل أشياء كثيرة، وأهمها كشف انحياز الإعلام بشكل لم يسبق له مثيل، فهل يا ترى سيستمر ذلك؟!