تكتسب العملية التنموية في المملكة العربية السعودية صفة الحيوية والمرونة والانفتاح المتزن وهي تمضي حثيثة نحو أهدافها المحددة بدقة وفق الرؤية الوطنية 2030، والتي ترنو إلى مستقبل واعد يتواءم مع طبيعة العصر المتسارعة وتطوراته التقنية المذهلة.
ولقد كان قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- يعبر عن بصيرة عميقة وبصر ثابت عندما اختار لولاية عهده نجله الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بعد أن لمس فيه مؤهلات القائد الملهم الذي يملك قوة الإرادة وشجاعة القرار والقدرة على قيادة مرحلة التحول الوطني نحو المستقبل المنشود بدماء شابة وعقول متفتحة على العالم، وما يعيشه من تنافسية إنتاجية عالية تستلزم مسارعة الخطى للوقوف بثبات في مواقع المقدمة التي تليق بمكانة المملكة التاريخية والحضارية والاقتصادية ودورها الفاعل على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وها نحن اليوم ونحن نحتفي بالذكرى السنوية الثانية لتولي سموه ولاية العهد نرى الإنجازات تتوالى، سواء على صعيد العلاقات الدولية وما تشكله المملكة من وزن مؤثر في دوائر صناعة القرار، أو على الصعيد الاقتصادي الذي تعد المملكة أحد أقطابه كعضو أساسي في منظومة الدول العشرين، أو على الأصعدة العربية والإسلامية والإقليمية، حيث تعد المملكة الداعم الأول لقضايا العرب والمسلمين وعمود التحالفات ضد مخططات ومكائد أعداء الأمة.
أما على صعيد الوطن فإن الرؤية التنموية الشاملة تسعى إلى إعادة هيكلة العملية التنموية وفق منهجية دقيقة تتحقق فيها معادلة الإنتاج وزيادة الدخل الوطني مع توافر فرص العمل وانخفاض البطالة بما يضمن الاستدامة التنموية والاستقرار الاقتصادي بعيداً عن الارتهان إلى النفط كمصدر وحيد للدخل.
ولاشك أن المتمعن في معطيات الرؤية وباكورة مخرجاتها يلمح بوضوح النقلة النوعية التي تحققت على مستوى تنظيم الدخل وتطوير آلياته وتنويع مصادره، وتوطين الصناعات ورفع كفاءة التعليم بما يلبي حاجة سوق العمل، وفتح الآفاق الاستثمارية أمام رؤوس الأموال الأجنبية والشراكات الدولية، والاهتمام بصناعة السياحة وصيانة وتهيئة المواقع الأثرية والتاريخية، واستثمار السواحل والجزر، وإنشاء المدن الذكية والمدن الصناعية والترفيهية والرياضية وغير ذلك، هذا مع نشر برامج التوعية المجتمعية نحو ضبط المصروفات وتقنينها واعتماد مبدأ الأولويات الاستهلاكية، والحد من الصرف الزائد على الكماليات.
وإذا كانت هذه المعطيات الكبيرة تمثل بداية القطاف فإن القادم أفضل وأشمل -بإذن الله-، هذا إذا ما علمنا أن الرؤية تمر بمراحل بنائية متتابعة حيث إن كل نجاح يتحقق يبنى عليه أفكار جديدة نحو نجاح آخر، وهو ما يعني في مضمون الرؤية استدامة التنمية وتواصل الإنجازات وتنوعها -بإذن الله-.
بقي أن أسجل في ختام هذه المقالة كلمة إعجاب بأبناء الوطن الأوفياء الذين وقفوا مع قيادتهم وأيدوا ما تقوم به من جهود جبارة من أجل وطن آمن مستقر منتج، وذلك في مشهد تلاحمي فريد حمل اعتزازهم بمليكهم الغالي رجل العزم والحزم صاحب الخبرة العميقة في شؤون الحكم وتصريف الأمور، وافتخارهم بولي العهد العضيد والسند والقائد الملهم الذي ضرب أروع الأمثلة في العمل المتواصل والجهد والسهر، واختصر المسافات والسنوات كي تأخذ المملكة العربية السعودية مكانها اللائق في سلم الحضارة والتقدم.
** **
الدكتور علي بن عبدالرحمن العنقري - وكيل وزارة الحرس الوطني