عمر إبراهيم الرشيد
ها قد أزف هذا الضيف المهيب العزيز على الرحيل، وإن كان الضيف يستوجب الإكرام كعادة الناس، وناموس الحياة منذ آدم عليه السلام، إلا هذا الضيف؛ فإنه هو من يكرم بشعيرة الصيام العظيمة التي بهرت بإعجازها أطباء ومفكري العالم على اختلاف مللهم، ونعمه الروحية والنفسية والجسدية. ومما يدل على ذلك هذا الإقبال على موائد الإفطار في عواصم غربية وشرقية من قِبل غير المسلمين لمشاركة الصائمين إفطارهم؛ فترى مشاعر الاحترام لهذه الشعيرة العظيمة؛ وهو ما يشكّل أعظم تعريف، وبكل هدوء ومهابة، لهذا الدين وحضارته العتيقة. ها قد انقضى أجمل المواسم بصيامه وفوانيسه، وتراويحه، والتئام الأقارب والأحباب على موائد إفطاره. ولكم يحمل هذا الشهر من مشاعر وذكريات تلمس شغاف القلب.. فالله نسأله القبول واللقاء بسيد الشهور أعوامًا بعد أعوام.
أيام ويبدأ موسم الإجازات الفعلي، ومعه موسم السفر.. فهل يشهد هذا العام تراجعًا في نسبة السياح السعوديين إلى الخارج، وتحديدًا أوروبا وتركيا؟ وهل سوف تؤثر تداعيات الحوادث الإرهابية كالتي حدثت في نيوزيلندا كمثال، والأوضاع في تركيا، فعلاً في تراجع هذه النسبة؟ هذه التساؤلات وغيرها سوف تتضح إجاباتها الحقيقية مع انتهاء الموسم. إنما الملاحظ خلال السنوات الأخيرة تزايد اتجاه السعوديين إلى جمهوريات آسيا الوسطى، كأذربيجان وجورجيا، إضافة إلى جمهوريات البلقان كالبوسنة وجاراتها. ومرد هذا الاتجاه هو أن تلك الدول تتسم بالهدوء والاستقرار، وهي تشق طريقها نحو النهوض الاقتصادي، كما أن بعض شعوبها إسلامية؛ وهو ما يجعل السائح السعودي والخليجي عمومًا يشعر بالارتياح للسفر إليها. ليس هذا من قبيل الدعاية بقدر ما هو محاولة لقراءة السلوك الاجتماعي لدينا، بما أن الحديث هنا عن المواسم.
ويجدر هنا التذكير بأهمية إطلاق حملات تنشيط للوعي بأهمية السلوك الحضاري في الخارج، وبالأخص لفئة النشء والشباب، عبر المنافذ والمطارات، وعبر وسائل التواصل. وهذه يجدر بهيئة الطيران المدني والخطوط السعودية، إضافة إلى شركات إدارة وتشغيل المطارات في المملكة، أن تقوم بها من باب المسؤولية الاجتماعية. وهذه دعوة عبر هذا المنبر في هذه الصحيفة العزيزة.
طابت مواسمكم، وتقبل الله صيامكم وصالح أعمالكم. وكل عام وأنتم بخير.