صيغة الشمري
تلعب الجمعيات الخيرية في المجتمع دوراً مهماً وبارزاً في حياة الكثيرين من أفراده المعوزين وبالذات المتعففون منهم، من خلال رفع مستوى حياتهم وتوفير فرص عمل ومساكن وغيرها من الاحتياجات الضرورية، إلا أن هذا الدور في الوقت الراهن يثير الكثير من علامات الاستفهام، على الرغم من تضخم ميزانيات بعض الجمعيات ووصولها إلى أرقام فلكية، كانت الجمعيات الخيرية في الماضي تواجه بعض العراقيل، وتواجه صعوبة في وصول المساعدات إليها من أهل الخير، أضف إلى ذلك صعوبة التعريف بالجمعية والترويج لها ولأنشطتها حتى تبدأ في استقبال التبرعات، ولكن الآن في ظل عملية الإصلاح الشامل بالمملكة وفي ظل التقدم التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي باتت كل مشاكل الجمعيات الخيرية تقريباً من الماضي، وعلى الرغم من ذلك نجد تراجعاً كبيراً في إسهامات بعضها بالمجتمع حتى بتنا ننسى الكثير من الأسماء المهمة في أعمال الخير التي كانت قبل سنوات ملء السمع والبصر! فأين ذهبت هذه الجمعيات وأين ذهبت إسهاماتها؟
المواطن أيضاً تسرّب له هذا الإحساس بتراجع دور بعض الجمعيات الخيرية وتكاسلها عن أداء مسؤوليتها، وهو ما تسبب في حدوث أزمة ثقة بين المواطن الذي كان يرى في تلك الجمعيات أفضل وسيلة لاستقبال زكاته وتبرعاته وبين الجمعيات التي نجد بعضها حالياً يشكو من عزوف المواطنين عن التبرع، ونتيجة هذه الأزمة بات المواطن يفضِّل أن يقوم بتحويل تبرعاته إلى المستفيد بشكل مباشر دون أي وسيط، وهذا مما جعل ظاهرة تسوّل الشوارع تنمو وتزدهر ليذهب أغلبها في دعم أعداء لنا أو في أيادي متلاعبين لا يستحقونها، وفي ظل هذه الأوضاع كان من الطبيعي أن نجد من ينادي بإنشاء مراكز مالية داخل الجمعيات الخيرية تتولى مهمة إصدار قوائم مالية مدققة من عدة جهات بنفس الوقت، عن طريق مراجع خارجي، بهدف إبراء الذمة وتوضيح مصير أموال التبرعات التي تتلقاها هذه الجمعيات، وحتى يعلم المواطن أين ذهبت أمواله وكيف استفاد منها أصحاب الحاجة، الحق أن بعض الجمعيات الخيرية أصرت على التزام نهج قديم في العمل، وتأخّرت عن ركب رؤية المملكة 2030 التي استهدفت النهوض بكافة قطاعات الحياة ومن أهمها المسؤولية الاجتماعية والخيرية التي هي صلب مهام هذه الجمعيات وأساس بنائها، كان من نتائج ذلك أن نجد دور تلك الجمعيات يتقلّص حتى كاد يتلاشى، وإن لم تتحرك هذه الجمعيات وتعيد بناء إستراتيجياتها وتستعيد دورها الإنساني والخيري الكبير، فسوف تظل في غيابها إلى أن تفاجأ بيد الإصلاح وهي تتدخل لتعيد الأمور إلى نصابها. تمنيت أن هذه الجمعيات عاملت الفقير مثلما تعامل العاملين عليها من موظفيها لربما جاء يوم لا نجد فقيراً سعودياً يستحق الزكاة.