سعود عبدالعزيز الجنيدل
لا أعرف مثلاً تنطبق عليه تمامًا مقولة العرب «يداك أوكتا وفوك نفخ» أكثر من إيران!
فالمملكة العربية السعودية أثبتت للعالم أجمع مدى تورُّط النظام الإيراني وميليشياته الإرهابية في الهجوم على مضختَي النفط السعوديتَين، وكذلك إطلاق الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة دعمًا كاملاً من إيران عشرات الصواريخ الباليستية الإيرانية على المملكة، آخرها محاولة استهداف مكة المكرمة.
كما أن أمريكا توصلت لأدلة تثبت تورط النظام الإيراني بالهجوم على السفن التجارية في المياه الإقليمية قبالة إمارة الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، وستعرض هذه الأدلة على مجلس الأمن (قد تكون عرضتها لحظة نزول هذا المقال).
ومع هذين النقطتين عندي وقفات عدة:
هذه الحقائق تدل دلالة قاطعة على الأطماع التوسعية للنظام الإيراني، وخصوصًا في منطقة الخليج والبلاد العربية. وهذا ما يتغنى به حرسهم الثوري الإجرامي حينما رقصوا طربًا باحتلال 4 عواصم عربية (دمشق - بغداد- بيروت- صنعاء).
ينص دستورها (إيران) على «تصدير الثورة»، وهذا بالفعل واقع معاش، ويراه القاصي والداني في لبنان عبر ذراع إيران هناك «حزب الله»، وكذلك في اليمن عبر «الميليشيات الحوثية». وهذا الفكر والأيديولوجيا يتنافى تمامًا مع القانون الدولي، ومبدأ حُسن الجوار.
استغلت إيران فرصًا كثيرة حتى تصل إلى ما وصلت إليه الآن. فمثلاً الحرب الأمريكية على العراق، والإطاحة بنظام صدام، سلَّم العراق لإيران على طبق من ذهب، وأصبح الطريق من طهران حتى حزب الله في لبنان سالكًا عبر كل من الأراضي العراقية والسورية.
كما استفادت إيران من «وهن البيت العربي» مستغلة ما يسمى بالربيع العربي في التغلغل إلى تلك العواصم العربية، ومحاولة زعزعة غيرها، مثل المنامة.
هذه الوقفات وإن كانت فعلاً واقعًا مريرًا إلا أنها حقيقة اصطدمت برجل تاريخ، وسياسة وخبرة ممتدة على عقود من الزمن، رجل أدرك هذه الأطماع التوسعية للنظام الإيراني؛ فأطلق حملات مضادة لتقليم هذه الأيادي الإجرامية العبثية التي لولا لطف الله ثم تدخله لوصلت إلى عواصم عربية كثيرة. إنه بلا شك رجل المرحلة، وحكيم العرب والمسلمين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي أطلق عاصفة الحزم في اليمن؛ لكي يوقف هذا العبث الإيراني، وكذلك عرَّى النظام الإيراني عبر عقد القمتَيْن الخليجية والعربية الطارئتَيْن، تزامنًا مع انعقاد القمة الإسلامية؛ لكي يعرض أمام العالم أجمع الأدلة التي تثبت تورط النظام الإيراني في الهجوم على أراضي المملكة عبر ميليشياتها الحوثية في اليمن.
أعترف بأن المخطط الإيراني كان ذكيًّا للغاية، ولكنه -وبحمد الله- اصطدم بسلمان بن عبدالعزيز، هذا الرجل الذي سيخلد التاريخ مواقفه الخالدة التي غيّرت قواعد اللعبة، وأعادت الهيبة للعرب، وفي الوقت نفسه أعادت الشجاعة التي فقدناها. فنحن الآن - كما قال أمين جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط - أمام مقولة «إن العرب لا يبتدرون غيرهم بالعداوة، ولكن لا يقبلون الضيم».
وأتذكر في السياق مقولة رجل الدبلوماسية الأول سعود الفيصل -رحمه الله- حينما قال: «نحن لا نريد الحرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها».
وإذا كان لدى النظام الإيراني شك في قوة العرب، وغرَّهم حلم الدول العربية عليهم، فسأقول لهم بعدما تسببوا بالدمار لهم، ولشعبهم، إضافة لعزلتهم الدولية: «يداك أوكتا وفوك نفخ».