«الجزيرة» - عبير الزهراني:
توقَّع مختصون اقتصاديون أن تظهر في الفترة القريبة القادمة نتائج العقوبات على إيران، كما توقعوا أن تزيد الاحتجاجات والانتفاضات ضد الملالي في كل مدن إيران.
وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودي أحمد الحجيري: سجل الاقتصاد الإيراني انتكاسات قوية على مدى أربعة عقود متتالية؛ وهو ما أثر في عرقلة التنمية؛ ليعكس مسارًا تنازليًّا على مستوى الاقتصاد الكلي بسبب تدهور أركانه الجزئية؛ ليصل إلى انهيارات ملحوظة، أدت إلى انكماش قوي في الناتج المحلي، وارتفاع معدلات البطالة إلى زيادات مستمرة لمعدلات التضخم؛ الأمر الذي خيّم على البلاد؛ لترسم واقعًا بائسًا، وصلت له إيران مرورًا بعثرات الحرب العراقية التي استمرت ثماني سنوات، واستمرار استشراء الفساد المالي في جميع مفاصل النظام القائم على مافيا تكدس الثروة وجمعها لأشخاص معينين، والصرف على مليشيات إرهابية تخريبية لزعزعة استقرار وأمن بلدان المنطقة، كالحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن، وحزب الله.. وجميعها جماعات مصنفة إرهابية؛ وهو ما أنهك اقتصاد الدولة مرورًا باقتصادات القطاع الخاص؛ ليصل إلى اقتصادات الأُسر والمواطنين مع الانهيارات التي شهدها منذ 40 عامًا بحلول حكم الملالي؛ لتعم رفع معدلات التضخم والبطالة والفقر مع انهيار أسعار الصرف.
وتابع: سجلت العملة الإيرانية سعر صرف رسميًّا بلغ 42 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، بينما بلغ في السوق 180 ألف ريال نهاية 2018م بعد أن فقدت 60 % من قيمتها. وتمت محاولة تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق ليصل إلى 144 ألف ريال مقابل الدولار. وقد أدى ذلك إلى خطر مفزع على مدخرات المواطنين التي خضعت للتآكل؛ وهو ما جعلهم يتجهون إلى شراء الدولارات. ومع فرض عقوبات واشنطن ومطالباتها مستوردي النفط الإيراني بوقف مشترياتهم بحلول شهر مايو، وتحديد وجهة تصدير نفطها بكميات محدودة لعملاء محددين، أشارت توقعات صندوق النقد الدولي إلى انكماش آخر، قد تصل به معدلات التضخم إلى 40 %، وقد يزيد.
وأضاف الحجيري: ومع أن إيران تعد ثاني أكبر مصدر للغاز بعد روسيا، وأهم منتجي النفط، إلا أنها بسياساتها الفاشلة، وهدر أموالها إلى جهات إرهابية، وتقليص إنفاقها الحكومي على ما ينفع البلاد والعباد، جعلت معظم الشعب يرزح تحت خط الفقراء؛ لتعم الفوضى، وتستمر مع الإضرابات وتظاهرات المطالب الشعبية مع التأخر التراكمي لمستحقات القطاعين العام والخاص الناتج من عجز الموازنات السنوية.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي فهد ديباجي: لا شك أن خنق إيران اقتصاديًّا، وضرب مواقع عملائها ميدانيًّا، وتشديد الرقابة البحرية على الحركة الملاحية لوقف تهريب النفط والسلاح الإيراني، ولمنع سُبل الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، هي السياسة التي ستحدد شكلها وسلوكها، ويجعلها تعود لطاولة المفاوضات لاحقًا، وترسم أطرها.
وأضاف: من المتوقع أن تظهر في الفترة القريبة القادمة نتائج العقوبات على إيران، ومن المتوقع أن تزيد الاحتجاجات والانتفاضات ضد الملالي في كل مدن إيران.
وأشار إلى أن الملالي سيعيشون حالة من اليأس والوهن في قادم الأيام؛ فالعقوبات من جهة، وغضب الشارع من جهة، وتساقُط أذرعها من جهة أخرى، والانقسام داخل القيادة الإيرانية كذلك. وقال: حتمًا نحاج تنفيذ العقوبات سيُخضع هذا النظام مهما فعل أذنابه في عواصم عربية عدة، إضافة إلى قطر وأردوغان، ولن يستطيعوا تقليل أثر العقوبات أو الالتفاف عليها.
وأردف ديباجي: لن يكون هناك حرب، ولن يستطيع هؤلاء الإرهابيون في إيران المواجهة، بل هم الأجبن، ولكن سيطاح بهم من الداخل بواسطة الجوعى من الإيرانيين نتيجة الوضع الاقتصادي الداخلي المزري الذي أصبح لا يطاق. والشعب الإيراني صاحب الحضارة العظيمة نجد أن النظام بدد كل أمواله بمغامرات وتجنيد آلاف من المرتزقة، يصرف عليهم من خيرات هذا الشعب المنهوبة نتيجة هذا النظام الذي قام على القهر والإرهاب، وهو مغلوب على أمره. وهذا النظام فعل كل شيء إلا فرض فرص النمو والتطور والتطلع إلى المستقبل.