د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
شهدتْ بلادنا في يومي الخميس والجمعة الماضيين الموافق للخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر رمضان المبارك في مكة المكرمة حاضنة البيت الحرام ومهوى أفئدة المسلمين عبر الأزمان؛ شهدت ثلاث قمم اجتمع فيها قادة وزعماء دول إسلامية وعربية شقيقة؛ وحمل اللواء في تلكم التظاهرة الإسلامية ملك عظيم تجتمع عند كلمته الأمم، ذلكم هو خادم الحرمين الشريفين «سلمان بن عبدالعزيز»؛ فهو -حفظه الله- من دعا لتبصّر واقع المنطقة واستبصار ما يرمم ذلك الواقع، وما يتصدى لما يحيطها من عوادي المعتدين، وفتن الحاقدين؛ اجتمع القادة في مكة المكرمة بجوار بيت الله للرأي والمشورة ومن ثم القرار؛ ولقد تجلَّت للعالم الحنكة السياسية السعودية التي ترمي مسدداً في كل أحوالها بتوفيق الله ثم بالممكنات والمقدرات الفاخرة التي حازتها منذ تأسيس كيانها الشامخ؛ ولقد رأى خادم الحرمين الشريفين إشراك الدول الشقيقة في رسم الصورة الذهنية الراهنة لواقع المنطقة وما تتعرض له من توالي الفتن والدمار وما يزعزع الاستقرار فيها لوضع إستراتيجية للمواجهة ورسم طريق الوصول إلى تآزر مثمر يسهمُ في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي أثناء انعقاد القمم احتشدت نفوسنا بقيمة المكان والمكانة لبلادنا.
وبتوفيق من الله «من يدخل بلاد ملكنا سلمان فهو آمن «.. والأمن في القرارات الفاصلة التي تدعم الاستقرار في المنطقة، فكان هناك في القمم الثلاث اتفاق ووفاق اتكأت على مصير مشترك وأهداف عميقة مشتركة واستشعر القادة مسؤولياتهم وتبنوا ما يصلح أحوال المنطقة وما يعمرها سلماً واستقراراً؛ وعلى أرض مكة المكرمة كان هناك جياد لا تكبو، بل تعدو توقاً للسلام الذي ينشده المجتمعون من الزعماء حيث بيت الله الحرام المكان الأعظم على وجه الأرض، وحيث امتزجت القرارات والبيانات الختامية للقمم بما أثلج الصدور وبما يليق بجلال الموقف بجوار المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، تلك الشحنات الشعورية التي تدفقتْ من المشاعر المقدسة ضختْ القوة في متن البيانات لختامية لتلك القمم المباركة بتوفيق من الله؛ فتلك البقعة الطاهرة صيغت على أرضها مواثيق الإسلام الكبرى ومعاهداتهم مع الآخر؛ وكان حراكهم للسلم لا يكل ولا يمل، وتجلّت اليوم في لقاءات القمم عزة الإسلام والمسلمين.
وتظل القمم التي عُقدت في مكة المكرمة بتعددية أهدافها وسمو مقاصدها تشعلُ في ذهن العالم كثيراً من التفاصيل والصور الكبيرة عن القيادة السعودية التي تصدرت العالم بصوتها الصادق وفعلها العميق فكانت مستراداً لصناعة القرارات الفاصلة عربياً وإقليمياً يهفو إليها كل كيان تضعضعت نواحيه؛ واخترق أمنه واستقراره، واستُلِبتْ مقدراته.
«هم القومُ إن يُدعى الوفاء فإنهم
ذووه وإن يُدعى الوغى فطلائعُ»