رقية سليمان الهويريني
استدعت المحكمة في ألمانيا مقيمًا مسلمًا ليمثل شاهدًا على أحد أطراف قضية جنائية، وبعد الانتهاء من الإدلاء بأقواله في القضية طلب منه موظف المحكمة تعبئة استمارة تشمل وقت حضوره وانصرافه منها، والمسافة بين بيته والمحكمة، وذلك لتعويضه نقدًا عن وقته وتكاليف المواصلات! وقد تعجّب المقيم المسلم من هذه المعاملة الراقية وأصبح يشيد فيها في كل مناسبة! وصار يقارن بينها وبين تعامل وسلوك المسلمين في موطنه!
والحق أن الإسلام شريعة ومنهجًا يحتوي على توجيه بهذا الشأن بالذات، ففي سورة البقرة وبالتحديد الآية الكريمة {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ}، وهي جزء من آية الدَّين في سورة البقرة، حيث فسِّرت بأنه ينبغي دفع مصاريف انتقال الشهود وتحمل إقامتهم في غير بلدهم، وتعويضهم عن تكبدهم تكاليف الانتقال من مقرهم إلى المحكمة وما يترتب على ذلك من نفقات، وختمت الآية بالتزام التقوى، وهو ما يعد إعانة على إقامة العدل دون ضرر على أحد حتى الشهود.
وإن كان يبهرنا سلوك بعض الشعوب ورقي تعاملهم والاحترام المتبادل بينهم؛ فإن المنهج الإسلامي وتعاليمه الراقية من الصدق والأمانة وإتقان العمل واحترام الفرد والعدل والمساواة والإنصاف وإقرار النظام وغيرها من القيم تفوق كل السلوكيات الشخصية والعامة لدى جميع المجتمعات، ولكن الفارق هو سلامة تطبيق المنهج.
ولعل ما يسيء للإسلام هو سلوك بعض المسلمين وعدم التزامهم بالمنهج الرباني، وهو ما أدى لتشويه جماله وسوء فهم تعاليمه وجعل سهام الطعن تتوجه له بينما هو أرقى من ذلك، فالمنهج الإسلامي في أصله منظومة من القيم السامية لو تم تطبيقها وتحويلها لسلوكيات تحكم التصرفات لوجدنا أننا نتفوق على جميع الشعوب المتحضرة ولأبهرناهم وأوقفنا سيل الاتهامات التي علقت في أذهانهم والانطباعات السلبية عن ديننا، فضلاً أننا - نحن المسلمين - أولى باتباع المنهج الإسلامي وإشاعته بيننا.