فهد بن جليد
لا أعتقد أنَّ أمام إيران خيارًا آخر إن كانت تُريد الخروج من أزمتها الحالية بأقل الخسائر الممكنة، فعليها فهم رسائل القمم الثلاث والعمل بمبدأ حسن الجوار والكف عن التدخل في شؤون الدول العربية ودعم الميلشيات والأحزاب المُسلحة، فنجاح القمتين الخليجية والعربية «الطارئتين» كان واضحاً منذ البداية لناحية مستوى التمثيل الرفيع الذي يعكس مدى الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين لعقدهما، بالتزامن مع انطلاق أعمال القمة الإسلامية في دورتها الـ14التي تتسلم فيها المملكة رئاسة القمة، إضافة لكلمات القادة الرافضة للتدخلات الإيرانية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، والبيان الختامي الذي أدان بوضوح الأعمال والأنشطة الإرهابية التي تقوم بها الميليشيا الحوثية المدعومة من طهران، العالم يعلم أنَّ السعودية لديها الرغبة الكاملة في أن يعُمَّ السلام المنطقة المهمة، ولكنَّها في ذات الوقت لا تقبل المساس بأمنها أو تهديد مصالحها، وهي تملك كل أدوات الردع والرد للجم المُعتدي، ولكنَّها تفضل دائمًا أن تُطلع محيطها الخليجي والعربي والإسلامي على حقيقة الأمر استشعاراً بمسؤوليتها ومكانتها ولتوحيد الصف والموقف، وهو ما يزيد من صعوبات طهران ويضيِّق الخناق عليها.
التفاف دول الخليج العربي والدول العربية والإسلامية حول المملكة والإمارات وتأييد موقفهما تجاه الأعمال التي قامت بها الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران هو رسالة واضحة وحازمة لطهران لتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية، بالإدانة الواضحة لتلك المُمَّارسات والأعمال الإرهابية التي يقوم بها الوكلاء في الملاحة البحرية أو استهداف خطوط النفط بدعم إيراني مفضوح ومرفوض من دول العالم أجمع، فهذا السلوك العدواني يجب أن يُقابله موقف حازم وحاسم لوقف تلك الأطماع والأحلام التوسعية بهدف نشر الثورة والفتنة الطائفية والمذهبية في البلدان العربية والإسلامية، فلا مُساومة على أمن واستقرار منطقتنا وبلداننا بسبب السلوك الإيراني الإرهابي المرفوض.
خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- شخَّص الوضع بصراحة ووضوح وبعين الخبير والحكيم عندما أشار إلى أنَّ عدم اتخاذ موقف رادع وحازم لمواجهة الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في المنطقة، هو ما قاده للتمادي في ذلك، ليضع بذلك «أصبعه» على الخلل ويطلب من المجتمع الدولي «تحمل مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارسات الإيرانية من تهديد للأمن والسلم الدوليين» فالمملكة ودول الخليج حريصة على الأمن والاستقرار العالمي الذي هو انعكاس لأمنها واستقرارها الداخلي، وتمنح الفرصة دائماً لعُقلاء العالم للتدخل من أجل السلام ونزع فتيل الأزمات، ولكنَّها في ذات الوقت باتت دولاً تملك اليوم القدرة اللازمة والكافية للردع والرد بحزم، وهي الرسالة التي يجب أن يفهمها الإيرانيون جيداً بالتفاف دول الخليج والدول العربية والإسلامية حول المملكة واستجابتهم الفورية لدعوتها في أطهر البقاع وأقدسها.
وعلى دروب الخير نلتقي.