د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
لم أرَ أحدًا عالج قضية اسم المصدر كأستاذنا أحمد مختار عمر، رحمه الله، إذ درسها في 17 صفحة من كتابه (من قضايا اللغة والنحو) الذي نشرته عالم الكتب في عام 1974م.
حصر اسم المصدر في خمسة أنواع:
1 - كل اسم دلّ على حدث وليس له فعل يجري عليه من لفظه، مثل رجع القهقرى(1)، وهو الرجوع إلى الخلف، وحكمه حكم النوع الخامس.
2 - كل اسم دلّ على الآلة التي يؤدى بها الحدث مثل الطُّهور بالضم للمصدر والطَّهور بالفتح اسم للماء يتطهر به، وهو من استعارة الوصف للموصوف، يقال ماء طهور، ومثله الغَسْل بالفتح للمصدر، والغُسْل بالضم وهو ما يغسل به الدرن كالماء والصابون وغيرهما، واقترح أستاذنا أن يخرج من اسم المصدر بأن يسمى اسمًا أو اسم ذات.
3 - كل عَلَم يوضع لأي اسم يدل على الحدث مثل بَرّة علم جنس للمبرّة للفعل أبرّ، وسُبحان علم جنس على التسبيح للفعل سبّح، وحمادِ علم على الحمد وفجارِ علم على الفجور للفعل أفجر، ودعا إلى الاقتصار على عدّه من علم الجنس.
4 - كل اسم يبدأ بالميم لغير المفاعلة وهو ما يسمى بالمصدر الميمي، ودعا إلى إخراجه من اسم المصدر والاكتفاء بمصطلح المصدر الميمي، ومعنى ذلك أن الفعل يكون له مصدر عام ومصدر ميمي، ولست أرى استثناء المفاعلة من المصدر الميمي بحجة اطراده مصدرًا لفاعل بخلاف المصدر العام.
4 - وهو يضم ألفاظًا ترد في أربع أحوال:
أ) كلمات مأخوذة من فعل ثلاثي مجرد وسُمع بمعناها فعل ثلاثي مجرد؛ ولكنها جاءت على أوزان غير مطردة، مثل: القُبْح، الاسم من القباحة، واللُّطْف، الاسم من اللطافة، والرِّشْق، الاسم من رَشَقَ يرْشُق رَشْقًا.
ب) كلمات من أفعال ثلاثية مجردة غير محفوظة ولها أفعال مزيدة، مثل: الجَدَل والفعل جادل جِدالًا ومجادلة، والغَزَل والفعل غازل مغازلة، والعُجْب والفعل أعجب إعجابًا.
ج) كلمات من مزيد الثلاثي جعلت لمزيد آخر منه، مثل: الضِّرام والفعل اضطرم اضطرامًا، والخِيار والفعل اختار اختيارًا.
د) كلمات من مزيد الثلاثي جعلت للمجرد منه، مثل: العِضاض والفعل عَضَّ عضًّا، والزِّفاف، والفعل زفّ زفًّا.
وينتهي إلى عدّ هذه الكلمات كلها في النوع الأول والخامس (القهقرى ونحوه، والقُبْح ونحوه، والجَدَل ونحوه، والضِّرام ونحوه، والزِّفاف ونحوه) من قبيل المصادر التي ليس لها أفعال أو استعملت مع غير أفعالها، قال «وفي كل هذه الكلمات نلاحظ أن عدم ورود فعل لها من بابها كان هو السبب في اعتبارها من أسماء المصادر. وفي رأينا أن هذه الكلمات يجب اعتبارها مصادر لأفعال من أبوابها، وتكون هي دليلنا على الفعل حين الاشتقاق فيما لم يسمع له فعل»(2).
ويمكن بعد هذا أن ندعو إلى إلغاء اسم المصدر.
... ... ...
(1) ومثله: قعد القُرْفُصَاءَ والاحتباء، وَسَار الجَمْزَى، وَعدا البَشَكَى، ومشى الْخَوْزَلَى والهيذبى، والخطَرى، وعدا الْمَرَطى، وهِجِّيرَى، وحِثِّيْثَى، وقِتِّيتَى، وخِصّيصى.
(2) أحمد مختار عمر، من قضايا اللغة والنحو (عالم الكتب، 1974م) ص 217.