هالة الناصر
ربما لا توجد دولة في العالم قادرة على قيادة محيطها الإقليمي كما تفعل السعودية، التي استطاعت في ساعات معدودة الدعوة والحشد لثلاث قمم على أعلى المستويات الدبلوماسية، لتشهد مكة المكرمة زحامًا دبلوماسيًا غير مسبوق من قادة دول العالم الإسلامي لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي في الوقت ذاته الذي دعت فيه المملكة لعقد قمتين أخريين خليجية وعربية لبى ندائها قادة المنطقة دون اسثناء.
الحق أن بلادنا هي البلد الوحيد الذي ما زال يحمل الهم العروبي والإسلامي على كاهله، الدولة الوحيدة التي تتعامل مع الأوضاع في بلدان العالمين العربي والإسلامي على أنها شأن داخلي لا ينفصل ولا ينفصم عنها، فهي دولة قائدة بحق، لذا كان من الطبيعي أن يلبي الجميع دعوتها للنظر في تطورات المنطقة.
ولا يكشف الزعامة السعودية للمنطقة أكثر من القضايا المحورية التي تناقشها القمم الثلاث، بدءًا من التهديدات التي تلوح في الأفق بالمنطقة ونذر الحرب التي قد تشتعل بين ليلة وضحاها مرورًا بالوضع العربي العام والسعي لتوحيد كلمة 22 دولة من المحيط إلى الخليج، وليس انتهاء بقضية الوسطية والاعتدال وإظهار الصورة الحقيقية للدين الحنيف والتصدي لخطاب الكراهية الذي يؤذي المسلمين في عدد من دول العالم،
والحق أن هذه الزعامة لم تأت من فراغ، بل هي نتاج ممارسات دبلوماسية درج عليها ملوك وقادة تلك البلاد المباركة منذ توحيدها وحتى اليوم، أي أنها فكر متأصل في وعي القيادة نابع من إحساسها بالمسؤولية التي حباها بها الله سبحانه وتعالى والمكانة الاستثنائية بتوليها خدمة الحرمين الشريفين.
أضف إلى ذلك القدرة والاحترافية في تنظيم هذه الأحداث الثلاثة الكبرى التي تتصادف في وقت واحد، فحدث واحد منها كفيل بإرباك أكبر الدول فما بالك بثلاث! وبالرغم من ذلك تجد الأمور تسير في مكة على وجه طبيعي وزوار بيت الله الحرام يتوافدون على الكعبة ليل نهار دون تعطيل أو إبطاء بسبب انعقاد القمم وكل أمور حياة المواطن السعودي تسير بسلاسة وهدوء.
إننا لسنا في حاجة للانتظار حتى انتهاء هذه القمم للحكم على مدى نجاحها من عدمه، بل هي بالفعل نجحت وقطعت شوطا كبيرًا في تحقيق مراميها حتى قبل أن تبدأ، عندما قرر كل هذا العدد من قادة العالمين العربي والإسلامي تلبية دعوة خادم الحرمين الشريفين التي لا ترد، هذا الموافقات بحضور القمم من القادة تؤكد النجاح وتؤكد أن بلادنا هي البلد الرائد والمؤثر في المنطقة.