سلمان بن محمد العُمري
من سمات مجتمعنا -ولله الحمد- محبة الخير وعمل المعروف لدى الصغير والكبير، والغني والفقير، والمرأة والرجل على حد سواء، وتجد من الجميع تنافساً محموداً حينما تبرز الحاجة للعون والمساعدة، ودائماً ما تكون هناك مبادرات فردية أو جماعية من زملاء أو من جيران أو أهل وقرابات في أعمال الخير والبر، وهناك من يفضل أعمال السر من صدقة أو عمل ليجعلها خبيئة له يوم القيامة. والمعروف كما هو معلوم باب واسع وأقلها أن يلقى الإنسان أخاه بوجه طلق، وقال صلى الله عليه وسلم «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فبكلمة طيبة».
وأسوق لكم بعضاً مما سمعت واطلعت عليه من أعمال الخير والبر والصلة:
* رجل كبير في السن والهمة اعتاد منذ سنوات أن يمر على شركة الاتصالات ويشتري بطاقات شحن جوال ويوزعها في آخر شهر رمضان المبارك على العمالة من مرتادي المسجد ويساعدهم في معايدة أهلهم وقراباتهم في بلدانهم.
* شاب متوسط الحال دأب على حفر بئر لكل قريب وصديق له يتوفى وينوي ثوابه لهذا المتوفى ويقول بودي أن لا أبلغ ذوي المتوفى بهذا العمل لولا علمي أنه يدخل السرور عليهم أو لتذكيرهم بالصدقة والبر بمتوفاهم.
* عجوز اعتادت كل عام أن تخصص للعاملات لدى أبنائها وبناتها وذوي القرابة بهدية العيد ولم تدع هذه السنة المباركة منذ خمسة عشر عاماً وتشمل عيديتها حتى العاملات غير المسلمات.
* شخص بنى مسجداً لخالته المتوفاة ولم يكن لها ذرية ولم تورث مالاً كثيراً، وقد أنعم الله عليه بالمال وطبق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الخالة في منزلة الأم فاحتسب الأجر لنفسه ولها ببناء مسجد كبير.
* رجل كبير في السن يذهب إلى مكة المكرمة كل شهر ويحضر ماء زمزم على حسابه الخاص وبكميات كبيرة ويوزعها على أقاربه وجيرانه بشكل دوري.
* امرأة عملت لديها خادمة ومرضت أثناء عملها عندهم وتطلب الأمر عودتها لأهلها فما كان منها إلا أن خصصت لها مصروفاً شهرياً يرسل لها في بلادها ولم تنقطع مخصصاتها الشهرية منذ سنوات.
* مدرس في المرحلة الابتدائية يراجع ملفات الطلاب في المدرسة كل عام ويقوم بتأمين المستلزمات المكتبية وثياب وملابس رياضية للطلاب الأيتام بل وشجع زملاءه في مدارس أخرى على هذا العمل النبيل.
* صاحب مخبز جعل ركناً في مخبزه بالمجان وكل ما على المحتاج أن يأتي للمخبز ويأخذ كيساً بلا مقابل وبلا سؤال أو جواب، وآخر جعل ما يفيض من المبيعات يومياً في سبيل الله من خبز أو معجنات أو حلويات.
* رجل أعمال اتفق مع أحد المحلات التجارية على تأمين كسوة العيد للصغار والكبار من المحتاجين وكل ما عليهم الذهاب للمحل واختيار المقاسات المناسبة لهم.
* أحد المحسنين -رحمه الله- وعلى مدى عقود كان سنوياً يسير قافلة للحج لأسرته من البنين والبنات الذين لم يسبق لهم الحج مع كبار السن والعاملين لديهم ويستضيفهم في دار له بمكة المكرمة ويؤمن نقلهم ومعيشتهم طوال رحلة الحج.
* رجل متقاعد متطوع لتعليم السائقين والعمالة القرآن الكريم وتحفيزهم بمكافأة ويبدأ معهم بالفاتحة وقصار السور وبجلسة أسبوعية واحدة فقط، والبعض منهم أتم حفظ خمسة أجزاء.
* أسرة طورت فكرة الاجتماعات العائلية إلى أعمال مفيدة ونفذت مجموعة من الدورات التدريبية لأبناء وبنات الأسرة عن طريق مؤسسات تدريبية معتمدة ويحصل المتدرب من أبناء الأسرة على شهادة في كل دورة يلتحق بها، وتطوع بعض أبناء الأسرة في تحمل نفقات المتدربين.
* رجل اعتاد أن يخصص زيارات لزملاء والده وجيرانه على الرغم من أن والده متوفى منذ أكثر من عشر سنوات ولم يقطع التواصل بهم وبرهم والإهداء إليهم.
* اختم الأمثلة بما أوصى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- حينما أشرك كل مواطن ومواطنة سعودية في الوقف الذي أنشأه وجعلهم شركاء في الثواب.
هذه كانت نماذج من الأعمال الصالحة في مجتمعنا والخير كثير -ولله الحمد، قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً». الحديث.
وفقنا الله وإياكم للعمل الصالح، وجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.