فهد بن جليد
بالفعل لا وقت للتأرجح والمهادنة والمواقف المائعة، أمام كل تلك الاستحقاقات للدول والشعوب في الدوائر الثلاث الخليجية والعربية والإسلامية والتي تتطلب من القادة في «قمم مكة» مواقف واضحة وثابتة بجوار بيت الله العتيق الذي لم يُراع الأشرار قدسيته فوجهوا صواريخهم نحو الركع السجود والطائفين المُعتكفين فيه، وفي شهر القرآن وليلة القدر عندما لم يمنع الصوم عملاء الإرهاب ووكلائه من استهداف مُقدَّرات المُسلمين ضمن أجندة ومُخططات تُهدِّد العالم واستقراره، في مُحاولة لإشغالنا عن قضايانا الرئيسة المهمة، كاستعادة الحق الفلسطيني الذي هو على «رأس أولويات» المملكة في كل مُناسبة، لا سيما وهي تنجح في لمِّ شمل الأشقاء الخليجيين والعرب والمُسلمين في مكة المكرمة، في هذا التوقيت الحرج والصعب من تاريخ أُمَّتنا، كشهادة أخرى على سعي السعودية الدائم والمُستمر نحو الوحدة والتضامن وجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم لمواجهة الأخطار التي تُحدق بالبلدان ومُستقبل الشعوب، وهذا النجاح غير مُستغرب وهو دور مشهود له مُنذ عهد المؤسس وحتى اليوم، فالتاريخ مليء بالمواقف السعودية التي تدعم كل ما من شأنه رفعة المسلمين، ولعب الدور الأهم للدفاع عن قضاياهم بدعم بلدانهم الشقيقة سياسياً واقتصادياً في المحافل الدولية، بحثاً عن الاستقرار، ولكي ينعم الأشقاء بالخير والنماء، لذا لا نستغرب هذا التمثيل الكبير والرفيع في «القمم الثلاث» استجابة وتلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين التي يتطلع العالم لنتائجها ومُخرجاتها.
ليس من الصواب ولا الحكمة اختبار صبر السعودية بدعم الإرهاب والتخطيط له من أجل إثارة الفتن والقلاقل، فالتاريخ يشهد بأنَّ «الصفعة» السعودية مؤلمة، والرد قاسٍ لأصحاب الهوى والأطماع في كل مرة، إلاَّ أنَّ الحاجة مُلِّحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التحديات والأزمات والأخطار التي تمرُّ بها منطقتنا الخليجية وعالمينا العربي والإسلامي، بكل ثقة وحكمة لتجاوزها بالصلابة والحزم اللازمين، لذا لا أحد يملك مقومات ذلك التجمع بنجاح سوى السعودية وقيادتها الرشيدة التي اختارت «مكة المكرمة» و«خواتيم» الشهر الفضيل لتجمع بين قدسية المكان وشرف الزمان، ولتضع الأشقاء أمام أنفسهم ليتكاشفوا بصدق حول القضايا الخليجية والعربية والإسلامية المصيرية، وتلك التصرفات الخادعة والضالة التي يُمارسها البعض إمَّا لأطماع توسعية لتصدير الثورات والقلاقل بزرع الفتن المذهبية والطائفية ودعم الميليشيات والأحزاب الإرهابية والتدخل في البلدان العربية والإسلامية، أو للمُراهنات والمُزايدات السياسية من باب الضغائن التاريخية والأحلام وطموحات الهيمنة البائدة، دون تقدير للعواقب الوخيمة التي تخلفها مثل تلك التصرفات الخرقاء.
قمم مكة الثلاث بمنزلة «قمم المُكاشفة» الحقيقية التي طال انتظارها في طريق حل شيء من أزمات الأمة، وما تمرُّ به بعض بلدانها من ظروف وأحداث، ولعلَّ الجميع يترقب خطوات عملية جادة ومُبادرات من أجل مُستقبل شعوب المنطقة والعالمين العربي والإسلامي، ولو لم نخرج منها سوى بفضح خطط ونوايا مُشعلي الحرائق وأصحاب الأطماع والأحلام لكفى، فقد حان الوقت ليُشير الجميع بأصبعه نحوهم ليطلب منهم التوقف، أو الاصطفاف على أقل تقدير مع الحق والعدل للدفاع عن شرف الأمة وحماية مُقدساتها.
وعلى دروب الخير نلتقي.