«الجزيرة» - عبير الزهراني:
قال مختصون لـ«الجزيرة»: إن السياحة في تركيا اختلفت عن السنوات الماضية بسبب التدهور الاقتصادي والصراع السياسي الذي يفتعله أردوغان. وقال الكاتب الاقتصادي فايز الرابعة: لم تعد تركيا واجهة سياحية مناسبة للسياح عامة، وللسعوديين خاصة. لمسنا في تصريحات الحكومة التركية ورئيس الحكومة ما يجعلنا ندرك أن تركيا الآن من ناحية سياحية اختلفت عن السنوات الماضية بسبب التدهور الاقتصادي والصراع السياسي الذي يفتعله أردوغان مع الدول ومع الأحزاب المنافسة. هذا الصراع السياسي جعل أردوغان يقوم بمسرحية الانقلاب ثم إعادة الانتخاب حين خسر مرشحو حزبه، وتحولت تركيا من بلد سياحي إلى ساحة صراع وتصفية حسابات. هذه الصراعات تسببت في إهمال الاقتصاد والتفرغ للصراعات السياسية.
المشهد الحالي في تركيا غير مناسب جدًّا للسياحة؛ فالصراع على السلطة وخسارة أردوغان إسطنبول وأنقرة وأزمير في الانتخابات جعل حزب العدالة والتنمية يهمل كل شيء، ويحاول استعادة إسطنبول بأي طريقة. فعندما طالب أردوغان إعادة فرز الأصوات انخفض سعر الليرة، وتأكد للعالم خسارة أردوغان إسطنبول.
اليوم أردوغان يطالب للمرة الثالثة بإعادة فرز الأصوات حتى يستعيد إسطنبول. وحتى لا تنهار الليرة قام البنك المركزي بسحب مليارات العملات الأجنبية من البنوك التركية. هذا السحب من أجل تعزيز الليرة التركية حتى تستطيع مواجهة الانخفاض الذي يقودها أردوغان له مقابل التشبث بكرسي الحكم.
وفي الوقت نفسه سحب العملة سيؤثر في الحالة الاقتصادية سلبًا، ويرفع من نسبة البطالة وخسارة النشاط الاقتصادي. وهذه الأمور السلبية ستزعزع أمن واستقرار المجتمع التركي، والسائح سيكون عرضة لأمور سلبية، هو في غنى عنها. بالتأكيد إن هذه أمور في الشأن التركي لا علاقة لنا بها، ولكن لا بد أن نوعي كل سعودي يفكر بالذهاب للسياحة في تركيا بمدى الخطورة التي تنتظره؛ فتدهور العملة والحالة الاقتصادية أثرت على أمن البلاد واستقرارها.
وقال الرابعة: تدهور العملة التركية وصراع أردوغان وحزبه على حكم البلاد يعنيان تدهور الاقتصاد، وتدهور الاقتصاد يؤدي إلى الإخلال بأمن البلاد واستقرارها. وكم شهدنا من حالات نصب واحتيال وسرقة للسياح، خاصة السعوديين، وكثير من السعوديين الذين دفعوا مبالغ في عقارات ومزارع وأملاك هم الآن في حالة ابتزاز من الأتراك أنفسهم ومن الدولة التركية، والسبب أن هؤلاء السعوديين يريدون أن يحدوا من خسائر استثماراتهم بسبب تدهور الاقتصاد، وفي الوقت نفسه الحكومة والأتراك والبنوك لا يوجد لديهم دولارات أو عملة أجنبية يعطونها للسعوديين الذين يريدوا بيع عقاراتهم؛ فالاقتصاد التركي في حالة لا تسمح بخروج العملات الأجنبية، وفي الوقت نفسه الليرة التركية لا أحد يقبلها، ولا يمكن أن تجد قبولاً خارجيًّا.
وأضاف: هذه الحالة الاقتصادية والسياسية التي تمرّ بها تركيا تجعلها فعلاً بلدًا خطرًا. وباختصار تركيا بلد يرعى جماعة الإخوان، وتستضيفهم، وتوفر لهم منصات لهجوم السعودية ومناصرة الحوثي وإيران. والسعودية تصنف جماعة الإخوان منظمة إرهابية. فالسعودي في تركيا لا يختلف عن وجود السعودي في جنوب لبنان وإيران. فمن يذهب لمواطن الصراع عليه أن يتحمل النتائج.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي فهد ديباجي: مع اقتراب الصيف تحاول تركيا وسفاراتها ومرتزقتها معالجة رفض السياح الذهاب إلى تركيا وتراجع السياحة نتيجة رفض السعوديين، واعتبار تركيا وجهة سفر غير آمنة لهم وللملايين من السياح من أرجاء العالم، ويحاولون تكذيب المواطنين السعوديين وكل ما يحدث في تركيا، وإظهارها بأنها أخبار مزيفة رغم تعرض الكثير منهم للاختطاف أو الاعتداء في تركيا. وتساءل ديباجي: ماذا يعني ذلك؟ يعنى أن تركيا تقدم اعترافًا ضمنيًّا بأن السعوديين عمومًا أعلنوا رفضهم تركيا وتصرفات حكومتها، ومعاداتهم السعودية وقيادتها، وخوفهم على أنفسهم من كل النواحي؛ وبالتالي يوجد رفض شعبي. هذا الرفض الشعبي يؤكد أنهم استطاعوا بوعيهم وتنبههم للمخططات القادمة من هناك أن يجبروا أنقرة بوسائل إعلامها وعبر دبلوماسييها على بث «تطمينات» زائفة، ومحاولة استرضاء الرأي العام السعودي. واختتم بأن هذه «التطمينات» واستخدام هذه الأساليب لن تؤتي أكلها لدى أبناء الشعب السعودي، وسيستمر في المقاطعة الشعبية لتركيا، ولن يقبل بهذه المراوغات الإعلامية والدبلوماسية من أجل استعطاف السعوديين.
وأضاف ديباجي: من المعروف أن تركيا تحتل مقعدًا متقدمًا في الدول التي بها معدل عالٍ في الجريمة، كما شهدت طوال الأعوام الماضية اغتيالات لسياسيين عرب وأجانب، واختطاف سياح، وأحداثًا دامية، وتحولت الأراضي التركية إلى مرتع خصب لجرائم القتل والسلب والاعتداء والعنصرية، وحضن دافئ للجماعات المتطرفة، ومنهم عدد من رموز جماعة الإخوان المسلمين المصنفة جماعة إرهابية في دول عدة، ومطلوبون في قضايا أمنية لدى دول عدة.
وأردف قائلاً: الواقع يقول إن الوضع غير مناسب للسفر من كل النواحي للسائح، والسعودي غير مرحب به؛ وما يثبت ذلك كل ما يحدث حاليًا من حوادث سرقة واختطاف وتهديد ومطاردة.. وكلها أحداث صحيحة وموثقة وغير مستغربة. ومهما حاول الأتراك تقديم رسائل استعطاف فإنها لن تفلح ولن يقدم السعوديون على السفر إلى تركيا على حساب أمن وطنهم وسلامتهم وعزتهم وكرامتهم. فمن يدعم عدونا ويحرض على بلادنا وقيادتنا لن نبادله إلا بالمثل، ولم ولن نكون في يوم ما داعمين للأعداء على حساب أمن وطننا الغالي.
وقال: لا مجال للشك بعد اليوم؛ فتركيا لم تعد صالحة للسياحة والاستثمار وهي تعاني اقتصاديًّا وأمنيًّا. والتنبيه جاء لحفظ حقوق المستثمرين والسياح السعوديين وحمايتهم.. وهو تحذير مهم، يجب أن تتناوله كل الصحف المحلية والإعلام السعودي والخليجي والعربي.