ميسون أبو بكر
على مذبح حزب المحافظين البريطانيين تم التضحية بالمرأة التي غدر بها حزبها، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي حاولت جاهدة أن تنفذ رغبة الشعب بالخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، ولكنها اضطرت إلى أن تغادر قبل أن تنفذ هذه المهمة الصعبة. ولن أنسى كامرأة صوتها المشرئب بالدمع في خطابها الأخير بعد استقالتها التي أُجبرت عليها، ودموعها التي لم تستطع مقاومتها بسبب شعورها بخيانة أصحاب المصالح في مجلس النواب لها.
انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي لم يكن سهلاً، وقد مضت به ثاني امرأة رأست الحكومة البريطانية بعد المرأة الحديدية (مارغريت تاتشر)، لكنها في خطابها الأخير أسفت لعدم تمكُّنها من إتمام هذا المشروع الذي ناضلت لأجله بسبب غدر أفراد حزبها الذين طغت مطامعهم للاستيلاء على منصبها.
لن أنحى في مقالي المنحى السياسي أو الاقتصادي المحض، لكنني متعاطفة مع امرأة حاربها الرجال، ليس لشيء إلا لأنهم يفضلون عليها زعامة رجل. ولا أخفيك عزيزي القارئ كم أنا مذهولة ومخذولة في الوقت نفسه من القارة الشقراء التي أسقطت ماي كما أسقطت تاتشر قبلها، وأتساءل عن شعارات دعمها للمرأة وإقرارها لحقوقها!!
تيريزا ماي لم تملك أن تكبح قهرها ودموعها أمام رجال لا يعرفون رقة القرى التي نشأت وترعرعت فيها؛ فأُجبرت على الاستقالة قبل إتمامها المدة الرئاسية.
ماي التي أتقنت صنع الخبز في القرية فشلت في صناعة خلصاء سياسيين سرعان ما خذلتها خيانتهم لها بالرغم مما مضت إليه، وبالرغم من أنها حملت شهادة في الجغرافيا إلا أنها خضعت لرغبة الشعب في المضي لقطع أواصل الاتحاد الأوروبي، وفصله الجغرافي والاقتصادي عن بلدها.
التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر، والمرأة تبقى بين مد وجزر وإنجاز يتحدى القهر والظروف التي تفرضها ذكورية عالم، سرعان ما يخذل العنصر الرقيق.