أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك من الناس ميسورو الحال ويدعون الفقر، وآخرون فقراء ويسألون الناس، والصنف الثالث فقراء ولكنهم لا يسألون يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، ومسؤولية جمعيات البر والمؤسسات الخيرية وأهل البذل والإحسان أن يبذلوا وسعهم في الوصول إليهم والتفتيش عنهم في الأحياء الشعبية القديمة والقرى الصغيرة والبيوت المنزوية بعيداً عن الأنظار، فهم في هذه الأيام ينتظرون من يطرق عليهم بابهم ويسأل عن حالهم، يواسيهم مما عنده إن استطاع، أو يسعى لهم ويدل عليهم أهل الخير والبذل والإحسان فينال أجرهم ويكون سببًا مباركًا لهم خاصة إذا كانوا كبار سن ولا يوجد من يقوم على شأنهم ويرعى مصالحهم ويتابع طلباتهم.
صدقوني هناك البعض منا يعطي زكاته للجمعيات أو لوكيل له يوزعها عنه حسب ما يراه، وهذا المعطي رجاء ما عند الله له أقارب محتاجون ويستحقون الزكاة ولكنهم متعففون وربما كانوا من أصحاب الفقر المقنع الذين يسكنون فللاً بنيت من بنك التنمية العقاري وبقي حالهم الاقتصادي لم يتغير حتى وإن كان مسكنهم لا يوحي بشيء من ذلك، والمصيبة لو كان هذا القريب أخًا أو أختًا.
جميل أن يفتش المرء بنفسه عن البطون الجائعة المنزوية في مناطق الظل ويخرجهم لدائرة الضوء، والأجمل أن يكون هذا الصنيع بحكمة وسرية وعن طريق التواصل مع الجهات المخولة بالجمع والتصدق رسمياً، حتى يحفظ لهم حقهم في الكرامة التي جعلتهم متعففين طوال سنوات عمرهم المتصارم، وليضمن استمرار العطاء السنوات القادمة بإذن الله.
قد يقول القائل إن هذه مسؤولية الجمعيات الخيرية فهم من لديهم باحثون اجتماعيون متخصصون وقوائم دقيقة يتم تجديدها كل عام، وهو محق في ذلك القول إلا أن الواقع يقول إن لهذه الجمعيات بصماتها وجهودها وأياديها البيضاء ومع ذلك فهي ليست شمسًا شارقة فهناك متعففون مازالوا بعيداً عن هذه الأيادي الخيرية، وأنت المسؤول عن إيصال صوتهم لهذه الجمعيات فضلاً عن أنك قبل غيرك مسؤول مسؤولية مباشرة عن إعطاء زكاتك فاحرص على أن تمنحها من يستحقها خاصة هؤلاء المتعففون الذين لا يسألون الناس إلحافاً ولا يعرف حالهم ربما أقرب الناس لهم للأسف الشديد، وقانا الله وإياكم شر الفاقة والفقر وحفظ لنا نعمه بالثناء والشكر وإلى لقاء والسلام.