«الجزيرة» - كتب محمد المنيف:
المملكة وطن الخيرات لا يمكن لأي مغترب إلا ويجد فيها مظلة آمنة يعود منها شاكراً حافظاً لفضلها بعد الله.. هذه المشاعر نسمعها ممن يستحق أن تفتح له المملكة صدرها حكومة وشعباً يثنون على التعامل ومنح الفرص والاهتمام كونهم ضيوفاً مكرمين.. منهم أصحاب المؤهلات والتخصصات في مختلف العلوم والفنون والفن التشكيلي ليس بمنأى عن هذا التنوع الجميل ممن قدموا إلى الوطن، فقد حظيت الفنون التشكيلية بوجود أسماء كبيرة من رواد الفنون التشكيلية ومشاهيرها من كل حدب وصوب بدءاً بمعهد التربية الفنية، الذي كان لطلابه في دوراته الأولى حظ بالعديد من الأسماء العربية من رواد الفن التشكيلي العربي منهم على سبيل المثال الفنانون سعدي الكعبي، سلمان الدليمي من العراق ومحمد شحته حميد من مصر الذين أقاموا عدداً من المعارض كانت بمنزلة النافذة التي فتحت للشباب من طلبة المعهد دور إقامة المعارض الشخصية فأثروا الساحة وأضفوا لخبراتهم الكثير على الفنانين من تجاربهم وللمواهب من خبراتهم فكان لهم دور في عديد من ملامح في الأعمال التي يمارسها مواهب الأمس فنانو اليوم والمستقبل جعلوا هؤلاء الشباب التأثر بهؤلاء مفتاحاً للبحث عن شخصيتهم بالمزج والاستخلاص.
البيئة السعودية وكاريزما الجذب
لا شك أن ما تتمتع به البيئة السعودية من تنوع حسب المناطق ما جعل لها كاريزما تجتذب الفنانين للرسم منها واستلهام مواضيعهم التي يبرز فيها جمال بما تطبعه أشعة الشمس من تأثير وتألق في بسط ألوان الطيف في المساحات لمفتوحة إن كانت في وسط نجد ببيوتها الطينية وزخرفتها الشعبية الجبسية أو على الأبواب أو صحراوية تنتشر فيها بيوت الشعر والرعاة فترات الربيع أو بما تتمتع به مناطق الجنوب من خضرة وخصوصية الألوان في الجبال والمدرجات الزراعية وما يشتهر به أهلها من أنماط بناء أو ما تمتلكه سواحلنا الجميلة من صفة تختص بها في الخليج العربي أو البحر الأحمر والحياة حولها من أنماط المنازل ذات الرواشين أو حركة الصيادين، مشاهد تحرك لدى الفنان الرغبة في التقاط تلك الملامح الجميلة المتفردة، إضافة إلى ما تتمتع به من شمس تطبع ألوان الطيف وتظهر البيئة بألوانها الذهبية في نهارها وفي ليلها الهادئ ينشر القمر رداءه الجميل بضوء يمنح الواقع جمالاً حالماً ألهم الشعراء والرواة. كما كان عشق الشرق وانبهار الفنانين المستشرقين به عند مرورهم وإقامتهم في شمال إفريقيا أو شمال الجزيرة في الشام والأردن وفلسطين رسموا منها أجمل لوحاتهم التي تحتضنها المتاحف العالمية.
أندروا فيكاري والكنز البصري التشكيلي ثراء الخبرة والتجربة
هدف كل فرد في أي مجتمع وأمنية قد لا تتحقق في محيطة ويجدها في محيط آخر من هذا المبدأ كان للكثير ممن قدم للمملكة فرصة لإثراء الخبرة والتجربة والشهرة واكتساب العلاقات ومنهم الفنانون التشكيليون الذين مارسوا إبداعهم وقدموه للمجتمع الذي قدره واقتناه، بل منح أولئك الفنانين فرص العمل وتسجيل الأحداث أو توثيق التراث التاريخي ومن هؤلاء الفنان البريطاني الجنسية (أندروا فيكاري) الذي رحل قبل عام وكان منافساً للكاميرات في رصد أحداث حرب تحرير الكويت وما قام به الجيش السعودي من مواقف حيث كان يوجد بالقرب من المواقع الحربية ويعيش الأحداث كما هي مع ما قام به من رسم لوحات استقاها من الأماكن الأثرية جملت بها قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض مع ما استلهمه من المناظر الطبيعية والتراثية لقرى ومناطق تزخر بالجمال منها أبها والقصيم وغيرهما، لقب برسام الملوك، حيث كان يعد ما رسمه في المملكة السعودية من أهم إنجازاته الفنية.
أندرو فيكاري خريج مدرسة «يسلاد» للفنون الجميلة التابعة لكلية يونيفرسيتي بالعاصمة البريطانية لندن، إلا أن قصته مع الشرق الأوسط لم تبدأ إلا في عام 1974، عندما استقدم للمالكة السعودية حيث رسم عدة لوحات لشخصيات من العائلة المالكة بالسعودية، إلا أن لوحاته التي ترصد أحداث حرب الخليج الأولى تعد من أهم إنجازاته الفنية، حيث رسم فيكاري نحو 125 لوحة لحرب الخليج الأولى تم اقتناؤها بمبلغ (17) مليون جنيه إسترليني.
سبنسر تارت ولوحات تتالق بالشفافية
الفنان سبنسر تارت أيضاً من الفنانين العالميين الذين وجدوا في المملكة محطة للشهرة والثراء بلوحاته التي نفذها بالألوان المائية تتالق شفافية وتنقل جمال البيئة من قرى وصحراء ومجتمعات وأسواق وبيوت الشعر والحياة في البادية والأسواق الشعبية في القرى كما جال المملكة من كل جهاتها ونقل ملامح الجمال فيها ووجد إقبالاً كبيراً على أعماله التي أقام لها العديد من المعارض في الرياض وجدة وما تم طباعته للوحاته ساعدت على انتشاره محلياً ودولياً.
تقول سيرته الذاتية أن سبنسر دبليو تارت معروف باسم بيل ولد في تشيسترفيلد. إنجلترا هو مؤهل كمهندس معماري وعمل لسنوات عديدة في كندا والولايات المتحدة قبل العودة إلى باث، إنجلترا حيث يعيش الآن في عام 1980 دعا سبنسر للعمل مهندساً معمارياً على دراسة الحفظ المدينة التاريخية في جدة القديمة في المملكة العربية السعودية. كان هذا له مقدمة للشرق الأوسط وكان الرسم دائماً جزءاً صغيراً من عمله كمهندس معماري سرعان ما أصبحت أكثر جدية واهتماماً في لوحات مائية نمت بسرعة خلال 1980م.
استغرقها ووظفها لاستكشافاته المتواصلة في العديد من المناطق المختلفة عبر الشرق الأوسط فدرس مختلف الأنماط المعمارية والميزات الجغرافية التي أصبحت سجلاً لتراث المعماري للمملكة العربية السعودية.