خالد بن حمد المالك
لا توجد دولة في العالم يمكنها أن تعقد اجتماعات لثلاث قمم خليجية وعربية وإسلامية على مدى يومَيْن، وفي مكان واحد، لكن المملكة استطاعت أن تفعل ذلك، وأن يلبِّي الجميع دعوتها، وأن تُعطي هذه الدعوة إشارات مبكرة عن أن هذه الاجتماعات عالية المستوى سوف تكون موعودة بالنجاح.
* *
هكذا هي المملكة، صوتها مسموع، وطلباتها مستجابة، وثقة العالم الإسلامي والعربي والخليجي بها لا حدود لها؛ فالجميع يتفقون على أن مواقفها تنطلق من شعور بالمسؤولية تجاه أمتها، ومن حرص دائم على وحدة كلمتها، ومن أن المملكة خيار الجميع، يتم اللجوء إليها كلما عصفت بهم المشكلات، أو مسهم سوء.
* *
وفي هذا التوقيت الدقيق والمهم، الذي يشهد فيه العالم ومنطقتنا - تحديدًا - تطورات غير عادية، أمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، فقد استدعى ذلك بالملك سلمان للإسراع في توجيه الدعوات إلى القادة لعقد هذه القمم، ومن ثم الترحيب من جانب المدعوين بعقدها، والاقتناع بأن لها أسبابها، والثقة بأن نتائجها ستكون لصالح الجميع.
* *
هناك هواجس كثيرة تمرُّ بدولنا وشعوبنا، مصدرها القلق من تنامي الإرهاب وانتشاره، وتدخُّل إيران وتركيا في الشؤون الداخلية لدولنا لإفساد الأمن والاستقرار فيها، والتغرير بالإمارة الصغيرة (قطر)، بما جعل مواقفها تُدار وفق أجندة خارجية، لم تكن ذات يوم ضمن سياساتها قبل انقلاب حمد بن خليفة على حكم أبيه.
* *
وانعقاد مثل هذه القمم، التي دعا إليها الملك سلمان، في مكة المكرمة، والاستجابات الكبيرة المبكرة لحضورها، يؤكدان مجددًا مكانة المملكة وقياداتها، والثقة بأنه ما كان ليجتمع كل هؤلاء القادة على طاولة واحدة، وتحت سقف واحد، في كل قمة من هذه القمم، لولا أن مصدر هذه الدعوات ملك المملكة، لا غيره.
* *
ومما لا شك فيه، ولا خلاف حوله، أن مبادرة المملكة في الدعوة إلى عقد هذه الاجتماعات عالية المستوى والتمثيل، إنما جاءت من منطلق شعور الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بأن لا خيار أمام الجميع للتغلب على التحديات التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية والخليجية إلا من خلال جمع القادة تحت سقف واحد، وعلى طاولة واحدة، في كل قمة من هذه القمم الثلاث؛ ففيها يتم التشاور والتفاهم؛ ومن ثم الوصول إلى توافق في وجهات النظر.
* *
وكلنا ثقة بالقادة القادمين إلى مكة المكرمة أن يقدروا الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين، وأن تؤثر روحانية شهر رمضان مبارك على مواقفهم، وأن تكون مكة المكرمة - وهي أطهر بقعة في العالم - مصدر إلهام لهم لمعالجة كل الخلافات في المواقف بين الدول، وصولاً إلى ما يجعلها في موقف أقوى، ومكانة أفضل.
* *
إن أممنا وشعوبنا الخليجية والعربية والإسلامية سوف تكون مشدودة لمتابعة كل ما سوف يتم في هذه القمم، وما يصدر عنها من قرارات وتوصيات؛ فالمرحلة التي تمرُّ بها حاليًا بالغة الخطورة، ولا بد من استثمار هذه القمم في مواجهة الأخطار والتحديات باتفاقيات وقرارات، تكون في مستوى المسؤولية، وقادرة على حماية أمن دولنا واستقرارها واستقلالها.