ماجدة السويِّح
الضوضاء التي تحدثها الجماهير عبر تويتر والفيسبوك في كل هاشتاق يرفع أو منشور يفضّل، ويعاد تدويره تسبب في الاصطفاف أحيانا في جانب الظالم على حساب المظلوم، بسبب الدعم غير الواعي والعاطفي لطرف على حساب الحقيقة المفقودة، فلا أحد يهتم بالبحث عن الحقيقة سوى القلة، فالغالبية مشغولون في المشاركة والتعليق على الفيديو أو الهاشتاق الحديث حتى مع قلة المعلومات التي توضح المنشور، فالتواجد والتفاعل أهم من التثبت والإحاطة بجوانب القضية أو الحادثة.
السرعة في النشر والتفاعل مع الجديد خلقت تحديا جديدا للشركات والمؤسسات وكذلك الحكومات لمواجهة وإدارة الأزمة عند نشوئها على الشبكات الاجتماعية، واستراتيجيات اتصالية للخروج مِن الأزمة باستثمارها في إيصال صوتها، وصورتها للجمهور، أو الخروج بأقل الأضرار.
نشر «مسعود علي» مقطع فيديو على تويتر يصور كيف رفض موظفو مطعم Chipotle الشهير بالأكل المكسيكي بأمريكا خدمته وخدمة أصدقائه لأسباب عنصرية، وتقديم الطعام لهم قبل دفع المال مقدما، بعد انتشار هذا الفيديو تم اعتبار تصرف الموظفة مسيئا ونمطيا في التعامل مع الشاب ذي البشرة السوداء، وعبر الكثير عن قلقهم واحتجاجهم على سياسة الشركة في وسائل التواصل الاجتماعي.
الشركة تجاوبت مع الأزمة بسرعة وردت في الوقت المناسب بطرد الموظفة التي رفضت خدمة المجموعة، كما أصدرت الشركة بيانا على ما حدث موضحة فيه رفضها لسلوك مديرة المطعم، ومؤكدة التزامها بمعاملة جميع العملاء على قدم المساواة.
لاحقا أظهر التحقيق أن العميل الذي نشر الفيديو قد نشر عدة مقاطع عبر حسابه يذكر فيها محاولاته السابقة في الحصول على الطعام دون مقابل، وقد تكرر هذا الأمر مع الموظفة التي كانت تعلم جيدا عن نيته التهرب دون دفع ثمن وجبته.
الشركة في رد فعل سريع وإيجابي اعتذرت علنا للمديرة المفصولة، وطلبت عودتها للعمل بعدما تبين صحة تصرفها، وليس لأسباب عنصرية.
الضغط الذي يواجه الشركات والمؤسسات الْيَوْمَ هو إدارة الأزمة في ظل انفعال الجمهور، وضبابية وعدم وضوح الموقف نظرا للهيجان العاطفي، وردات الفعل غير العقلانية التي ترافق الجمهور، واعتمادهم على طرف واحد في إصدار الأحكام والمطالبات.
الغالبية من الشركات والمؤسسات وكذلك الحكومات غيرت من استراتيجياتها الاتصالية عبر التجاوب السريع لاحتواء الأزمة. في حالة مطعم Chipotle ردت الشركة في الوقت المناسب وتواصلت مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي استخدمت لنشر الفيديو، وأصدرت بيانا مطمئنة العملاء باحترامهم ومؤكدة على المعاملة المتساوية لجميع الناس، وتم إبلاغهم بفصل المديرة، لكن حينما اتضح الموقف كاملا والظلم الذي تعرضت له المديرة المفصولة، أعادت الشركة عرض العمل عليها مرة أخرى، واعتذرت لها، وكان هذا القرار الصحيح، لأنه أظهر أن الشركة لا تهتم بالعملاء فحسب بل بالموظفين، وتسعى للعثور على الحقيقة. أظهرت حادثة مطعم Chipotle أن الصورة العامة تتطلب مراقبة منشورات التواصل الاجتماعي، وضرورة الاستجابة السريعة في الوقت المناسب، فلو لم يعلق Chipotle ولم يستجب للموقف بالإجراءات المحددة (الفصل، والاعتذار وإعادة التعيين) كان يمكن للجمهور أن يضاعف من تطوير التصور السلبي للموقف، كذلك استخدم المطعم وسائل للتواصل الاجتماعي للتواصل مع الجمهور، وكان هو الخيار الصحيح للوسيط للتواصل مع الجمهور.