يتصاعد الحشد العسكري من قبل الولايات المتحدة لمواجهة «التهديدات» الإيرانية لمصالحها ومصالح الحلفاء في منطقة الخليج بداية من إرسال قاذفات أمريكية من طراز B-52 إلى قاعدة العديد في قطر وإرسال حاملة الطائرات (أبراهام لينكولن) إلى الخليج بينما على الجانب الآخر تتصاعد اللهجة «الكلامية» فقط للجانب الإيراني أن طهران مستعدة لجميع السيناريوهات من «المواجهة إلى الدبلوماسية» وأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتحمل حربًا أخرى في الشرق الأوسط.
ومع هذا وذاك تتصاعد جبهات المواجهة «غير المباشرة» مع إيران ووكلائها بالمنطقة بتخريب أربع ناقلات نِفط عملاقة في ميناء الفُجيرة الإماراتي وكذلك تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لعمليات «تخريب» عندما كانتا راسيتين قبالة السواحل الإماراتية تعتقد الولايات المتحدة أن الدور الإيراني تمثل في تشجيع مسلحين على القيام بمثل هذه الأفعال ولم يقتصر على مجرد التلميح غير المباشر وإعلان وزير الطاقة السعودي، خالد بن عبدالعزيز الفالح، إن محطتي ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي تعرضتا لهجوم من طائرات دون طيار مفخخة.
لكن جبهة أخرى كانت على موعد مع الدخول في موجة تصاعد المواجهة غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بعدما أمرت الخارجية الأمريكية موظفي حكومة الولايات المتحدة من غير العاملين في حالات الطوارئ بمغادرة العراق على الفور، سواء كانوا في السفارة الأمريكية في بغداد أو في القنصلية الأمريكية في أربيل وتبعتها دول أخرى مثل ألمانيا التي أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستعلق عمليات التدريب العسكري في العراق بسبب تصاعد التوتر في المنطقة وكذلك ذكرت وكالة الأنباء الهولندية إن حكومة البلاد علقت عمل بعثتها في العراق التي تقدم المساعدة للسلطات المحلية بسبب تهديد أمني.
وبدون إعلان مسبق طار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو في زيارة مفاجئة لبغداد بعد أن أظهرت معلومات استخبارية أمريكية أن جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران تنشر صواريخ قرب قواعد للقوات الأمريكية طلب خلالها وزير خارجية أمريكا من كبار القادة العسكريين العراقيين أن يُحكموا سيطرتهم على هذه الجماعات التي توسع نفوذها في العراق، بعد أن أصبحت الآن تشكل جزءاً من جهازه الأمني. وإن لم يفعلوا فسترد الولايات المتحدة بقوة وأنه في حالة تعرض أمريكا للهجوم على الأرض العراقية فإنها سترد للدفاع عن نفسها دون الرجوع إلى بغداد.
في الوقت الحالي يتواجد على الأراضي العراقية 5500 عسكري أمريكي تقريبًا بين مدرب ومختص وفني ومستشار عسكري وأمني وقوات مهام خاصة، في عدة معسكرات وقواعد منها؛ قاعدة بلد وهي الأكبر والأهم حيث تحتوي على منشآت عسكرية متعددة بالإضافة إلى مدرج لطائرات فئة F16 وقاعدة التاجي وكركوك وقاعدة فكتوري «النصر» داخل حدود مطار بغداد الدولي وقاعدة عين الأسد «القادسية» في غرب الأنبار وهي بمثابة معسكر محصن لانطلاق العمليات الخاصة وكذلك قاعدة الحبانية «التقدم» فيها معسكرات ومنامات ومواقع للخزان ولطائرات المروحية ومدارس للتعليم الأمني ومقرات للتحكم والسيطرة.
من الطبيعي جداً أن تشعر الولايات المتحدة بالقلق على العسكريين الأمريكان في العراق خاصة بعد التقارير الأخيرة وأن إدارة ترامب تعلم أن الحكومة العراقية ورئيس الوزراء العراقي غير قادرين على الحد أو تلجيم المليشيات الشيعية الموالية لإيران التي تفوق قدرتها العسكرية الجيش العراقي والقوى الأمنية العراقية.