د. محمد عبدالله العوين
تشهد مكة المكرمة يوم غد الخميس 25 رمضان الموافق 30 من مايو وبعد غد الجمعة تجمعا خليجيًّا عربيًّا إسلاميًّا بانعقاد القمتين الطارئتين لمجلس التعاون الخليجي وللجامعة العربية التي دعا لهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز متزامنتين مع الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية التي تستضيفها مكة ليلة 27 من رمضان 31 من مايو في كرنفال سياسي على مستوى القمة محفوفًا بمشاعر روحية عميقة يفيض بها المسجد الحرام ويشرق بها النور من مهبط الوحي بجوار الكعبة المشرفة.
لا شك أن اختيار حكيم العرب الملك سلمان المكان والزمان وجمع القيادات الخليجية والعربية والإسلامية تحت سقف واحد في زمن واحد وفي مكان لا يشبهه ولا يماثله في الشرف والقداسة والفيض الروحي مكان آخر له دلالات عميقة ومعان عظيمة لن تتحدث عنها البيانات الختامية فحسب؛ بل ستنطق بها القلوب وتهمس بها الأرواح في حالات الصفاء والصدق مع النفس حين يستشعر القادة مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام شعوبهم وأمام كلمة التاريخ التي ستدون أحداث هذه المرحلة القلقة المخيفة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية.
جمع حكيم العرب القادة ليضعهم أمام الواقع المر الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية في شرق الوطن العربي وغربه وشماله وجنوبه، وأن هذا الواقع المؤلم يحتم اتخاذ مواقف عملية حاسمة تنتشل الأمة من الوحل الذي تخوضه؛ لا بيانات إنشائية تنسى قبل أن يتلاشى صوت قارئها في المنابر أو الشاشات.
أمام القادة قضايا تلح عليهم شعوبهم ويناديهم التاريخ بأن يكتبوا صفحات جديدة تغير المعادلات القائمة وتعيد كفة الموازين وتوقف تمدد الفوضى في سوريا ولبنان وليبيا واليمن، وتعيد العراق إلى العرب بعد أن اختطفه الفرس وسعوا إلى تغيير هويته، وتقضي على مليشيات الإرهاب الإيرانية التي تتغول في عديد من الدول العربية وتنشر الخراب وتغير الديموغرافيا.
أمام القمم الثلاث تطورات أحداث مؤلمة تطاولت في إثمها وإجرامها فامتدت إلى تهديد مصادر الطاقة العالمية حين ضرب الإرهاب الإيراني بواخر نقل البترول في الفجيرة، ثم حين اعتدت إيران بطائراتها المسيرة على مضخات البترول في عفيف والدوادمي، وأشد من ذلك فجورًا محاولة الاعتداء على بيت الله الحرام بالصواريخ البالاستية التي تطلقها إيران من اليمن بواسطة العصابة الحوثية الخائنة.
ما بعد انتهاء هذه القمم بما يصدر عنها من مواقف وقرارات لن يشبه ما قبلها؛ فما بعد رمضان وخلال الأشهر الثلاثة القادمة ستزداد كثافة الحشود العسكرية لإحكام الحصار على إيران ومنعها من تسويق نفطها، وسيتكاثف التحشيد العسكري، وقد تضطر أمريكا إلى استقدام قوات برية إضافية إن لزم الأمر.
تستدعي هذه المرحلة الخطيرة وحدة الصف العربي وتضامن جميع العرب واتخاذ الحيطة وكامل الاستعداد لأي طارئ؛ لأنه لا أحد يعلم كيف يمكن أن تقدح شرارة مواجهة عسكرية بين إيران وأمريكا، وأن يتم الاتفاق بين العرب على أن أول معالجة لبتر الإرهاب بقطع أذرعه.
وفق الله حكيم العرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى ما فيه خير العرب والمسلمين والعالم.