د.عصام حمزة بخش
يطلق لفظ بيت الله الحرام على الكعبة المشرفة قال تعالى: {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (97) سورة المائدة.
حسب الأخبار التاريخية التي ذكرت أن الكعبة بيت الله الحرام هو أول مكان خلقه الله على سطح الأرض، ثم مدت الأرض ووسعت من تحتها، فأصبحت وسط الدنيا كلها.
قال تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} (96) سورة آل عمران.
بنت الملائكة الكعبة المشرفة أول مرة قبل آدم علية السلام حيث كانت من ياقوتة حمراء، ورفع البناء إلى السماء أيام الطوفان، ثم قام سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل بإعادة بناء الكعبة بعد الطوفان، بعد أن أوحى له الله بذلك بقوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (26) سورة الحج.
وبقيت الكعبة على حالها، حتى أعيد بناؤها بعد عام الفيل بثلاثين عامًا على يد قريش أيام الجاهلية، حيث أرادت سيدة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النيران في الكعبة واحترقت وضعف بناؤها، وبعدها جاء سيل حطم أجزاء منها.
ثم بنى الرسول الكريم الكعبة بمشاركة أعمامه، ووقتها أرادت قريش وضع الحجر الأسود، واختصموا فيما بينهم على من يرفع الحجر ثم اتفقوا على أن يُحكّم فيما بينهم أول رجل يخرج عليهم، فكان الرسول عليه السلام, فقضى بينهم، وجعل الحجر الأسود في كساء ورفعه زعماء القبائل، ثم ارتقى الرسول عليه السلام ووضعه بيده في مكانه.
وتقع الكعبة وسط المسجد الحرام على شكل حجرة كبيرة مرتفعة البناء ومربعة الشكل، ولها باب ملتصق بالأرض، وكان للكعبة بابان ونافذة، باب للدخول والآخر للخروج لفترة طويلة من الزمن.
أظهرت صور للكعبة المشرفة يوم الثامن من شهر ذي الحجة، مشهدا وصف بأنه «مهيب»، في الوقت الذي تستعد الكعبة لارتداء حلتها وثوبها السنوي جريًا على العادة السنوية التي اعتادت حكومة خادم الحرمين الشريفين تغيير ثوب الكعبة المشرفة لها، حيث هبت رياح على مكة المكرمة في الثامن من شهر ذي الحجة لعام 1439هـ وأظهرت أثراً للباب المغلق.
وكان لهذا المشهد العظيم ولأول مرة يحدث في تاريخ تغيير الرداء والثوب السنوي للكعبة، أن تنكشف وتظهر محاسن هذه الغراء أمام الناس والأعين جراء تلك الرياح العاتية التي حصلت يومها، حيث قلت أبياتًا بعض منها هنا:
حسناء فتنت بحسنها كل إمام
فذاب بالعشق لا بل بالغرام
تأتي لها العشاق من كل عام
وتطوف شوقاً واشتياقاً وهيام
رأوها خجلا بعد ما طار اللثام
وآثروا تقبيلها حين الظلام
ويعد البيت الحرام أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً في الأرض لعبادة الله، ولهذا البيت منزلة عظيمة عند المسلمين فهو قبلتهم التي يتوجهون إليها في صلواتهم من جميع أنحاء الأرض، قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} (144) سورة البقرة.
ولها تهوى أفئدتهم والكل يتطلع للوصول لها من جميع أنحاء العالم، ولما للكعبة من مكانة، أمر الله بتعظيمها ورغب في زيارتها، والطواف بها والحج والعمرة وأداء هذا النسك العظيم، وتقبيل الحجر الأسود واستلام الركن اليماني، والتوجه لله بالدعاء عند الملتزم.
وقد قيض الله لحكومة خادم الحرمين الشريفين وشرفها بخدمة الحرمين، بأن يسرت ووقفت ووُفِقت على ذلك، تيسيراً للحجاج والمعتمرين والزوار أثناء قدومهم ليجدوا كل الأمان والطمأنينة والراحة لأداء مناسكهم.
جزى الله حكامنا خير الجزاء على ما يقوموا ويبذلوا من توسعة للحرمين الشريفين ومتابعة واهتمام بالديار المقدسة عامة، خدمة للإسلام والمسلمين.
اللهم زِد بيتك تشريفاً وتعظيماً ومهابةً للناس وأمنا.