د.ثريا العريض
منذ وعيت ومنطقة الشرق الأوسط ترقص على كف عفريت!
في السعودية ودول الخليج كدنا أن نستمتع بمرحلة الهدوء والبناء والتطوير.. ولكن كانت هناك دائمًا أصابع تلوث الأجواء وتزعزع الأمن.
واضح أننا الآن في أجواء متكهربة تتزايد فيها احتمالات اندلاع حرب في منطقة الخليج العربي. تتصاعد الإشارات التي تنذر بها.
والله يعلم أننا لا نرغب فيها لا قيادة ولا شعبًا. نتطلع إلى البناء ونحلم بنماء مستدام.. ولكن أن يحدث ما يكره العقلاء حدوثه معتاد في تغيرات الحياة. ولله حكمة أوسع وأعمق وأبعد من أن يستوعبها العقلاء ناهيك بالبسطاء.
ما ليس بسيطًا هو ما فعلته وتفعله إيران وأذناب إيران في الجوار القريب والبعيد.
عجزت أن أجد تفسيرًا يتقبله العقل والفطرة السليمة يفسر ويبرر عدوانيتها وتدخلها في شؤون دول الجوار القريب والبعيد. لا تفسير لذلك غير حقد متوارث وأحلام استعادة الهيمنة من جديد.
مبدأ تصدير الثورة مدون في دستورها منذ أطاحت ثورة الخميني بالشاه وآزر الخميني الشعب الذي ظنه منقذًا فتحول ما جاء به إلى كابوس مستمر منذ 40 عامًا, فكيف يتحمل هذا المبدأ المتأذون منه؟ أفهم أن يتحمل غالبية الشعب الإيراني الغارق في معاناته جوعًا وجورًا وإهمالاً, غير تسلط القيادة المتجاهلة لمطالبه توفير الحياة الكريمة, منشغلة بملء جيوب الملالي. أفهم أن يهرب رجل الشارع إلى المخدرات لينسى تنمر الحرس الثوري وقبضته الدموية والمشانق التي تهدد كل من يجرؤ أن يعترض.
ما لا أفهم هو أن يتوقع قادة إيران أن يتقبل الجيران سياساتها العدوانية وتآمرها وتنمرها وإصرارها على بلبلة استقرارهم. ولا أفهم أن يستسلم بعض الآخرين خارج حدودها أنها ستنقذهم من معاناتهم.
بل إن بعض قيادي الحكومة الإيرانية لا يوافقون على قراراتها بشأن الجوار وهدر موارد البلاد على تشجيع وتدريب «الثوار» والخلايا الإرهابية على هدم استقرار بلدانهم. خامنئي يلوم روحاني على توقيعه اتفاقية مع «الشيطان الأكبر» أمريكا وأوروبا. والحرس الثوري يهدد ويرتكب جرائم الاعتداء على ناقلات النفط. وروحاني في ورطة إيجاد حل للتأزم المشتعل المتصاعد. وظريف يواجه المهمة المستحيلة. ظريف في العراق أول جولته المكوكية في دول الخليج يعلن أن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاقية عدم اعتداء. سبحان الله! من يقترح على من؟
لست مع حرب في الجوار لا تستفيد منها فعليًّا إلا إسرائيل التي تدير سيناريو التصعيد من وراء ستار الصمت مستغلة وجود تقبل أمريكي لطموحاتها في التمدد. إسرائيل تعلم أن لن يطالها من تهديدات إيران لها بالموت إلا صخب البربرة. والدول العربية والإفريقية هي من يعاني من دعم إيران لمليشياتها بالتدريب والتمويل والتسليح. في عرف إسرائيل أفضل حل هو أن تقضي على أي صوت ضد توسعها دون أن تحاسب على ذلك. وفي عرف إيران هي لا تعتدي على استقرار هذه البلاد بل تنقذ «المظلومين». أين كل منهما من المظلومين داخل حدودها.
نحن لا نريد حربًا ولا إقصائية. نريد أن يسود السلام والتسامح والتعايش الذي يحترم لحقوق كل الأطراف ويمنح المنطقة كلها فرصة للنمو اقتصاديًّا والهدوء اجتماعيًّا وإيجابية التعامل سياسيًّا. ولكن ذلك لا يعني أننا مدجنون بلا مخالب مستسلمون لنكون لقمة سائغة لأي معتد أثيم.
إن تهورت إيران أو إسرائيل أو أي طرف آخر موكلا بالاعتداء فنحن كما وضح الوزير الجبير بصوته الهادئ نملك قدرة الاستعداد.. وسنرد عليها.